= المدينة، وإذا روى علماء المدينة شيئًا وعملوا به فهو أصح شيء - إلى أن قال: وقال ابن بطال: أجمع العلماء أن الأمة إذا عتقت تحت عبد فإن لها الخيار. والمعنى فيه ظاهر لأن العبد غير مكافئ للحرة في أكثر الأحكام، فإذا عتقت ثبت لها الخيار من البقاء في عصمته أو المفارقة؛ لأنها وقت العقد عليها لم تكن من أهل الاختيار. قال: واحتج من قال: أن لها الخيار ولو كانت تحت حر، بأنها عند التزويج لم يكن لها رأي، لاتفاقهم على أن لمولاها أن يزوجها بغير رضاها، فإذا عتقت تجدد لها حال لم يكن قبل ذلك. وعارضهم الآخرون بأن ذلك لو كان مؤثرًا لثبت الخيار للبكر إذا زوجها أبوها ثم بلغت رشيدة، وليس كذلك، فكذلك الأمة تحت الحر فإنها لم يحدث لها بالعتق حال ترتفع به عن الحر، فكانت كالكتابية تسلم تحت المسلم. ا. هـ. باختصار.
واختلف العلماء في التي تختار الفراق هل يكون طلاقًا أو فسخًا؟. فقال مالك والأوزاعي والليث: تكون طلقة بائنة. وثبت مثله عن الحسن وابن سيرين، أخرجه ابن أبي شيبة. وقال الباقون: يكون فسخًا. واختلف العلماء أيضًا في هذا الخيار؛ هل يكون على الفور؟ وهو رأي الشافعي. أو هو يمتد أبدًا ما لم يمنعه مانع؟. وهو رأي مالك والأوزاعي، وأحمد، وأحد قولي الشافعي. وعنه قول ثالث هو أنها يمتد لها الخيار ثلاثًا. واتفق العلماء على أنها إن أمكنته من نفسها فلا خيار لها، لما جاء في بعض طرق هذا الحديث عند أبي داود، من طريق ابن إسحاق عن عائشة بأسانيد صحيحة، أن بريرة أعتقت، فذكر الحديث، وفيه في آخره: إن قربك فلا خيار لك. وروى مالك بسند صحيح عن حفصة أنها أفتت بذلك. وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عمر مثله. قال ابن عبد البر: لا أعلم لهما مخالفًا من الصحابة. قال: وقال به جمع من التابعين؛ منهم الفقهاء السبعة. وفي رواية للدارقطني: إن وطئك فلا خيار لك.
قلت: وقد أطنب ابن حجر في فتح الباري عند هذا الحديث، وذكر فوائد جمة مستنبطة منه، وإن كان في بعضه خفاء وتكلف لا يليق بكلام النبوة؛ من ذلك التعسف والتكلف الخفي الذي لا يليق بكلام النبوة، والكمال لله وحده.
قوله: وفيه إن فرط الحب يذهب الحياء، لما ذكر من حال مغيث وغلبة الوجد عليه حتى لم يستطع كتمان حبها، وفي ترك النكير عليه بيان جواز قبول عذر من كان في مثل حاله، ممن يقع =