للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

يَجُوزُ قَرْضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ فَقَطْ (١) إلَّا جَارِيةً تَحِلُّ لِلْمُسْتَقْرِضِ (٢)، وَرُدَّتْ إلَّا أنْ تَفُوتَ عِنْدهُ بِمُفَوِّتِ الْبَيْع الْفَاسِدِ فالْقِيمَةُ كَفَسَادِهِ، وَحَرُمَ هَدِيَّتُهُ إِنْ لَّمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا (٣) أوْ يَحْدُثْ مُوجِبٌ؛ كرَبِّ الْقِراضِ وَعَامِلِهِ، وَلَوْ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ على الأرْجَحِ، وَذي الْجَاهِ، والْقَاضِي، ومُبَايَعَتُهُ مُسَامَحَةً، أوْ جَرُّ مَنْفَعَةٍ (٤) كشَرْطِ عَفِنٍ بِسَالِمٍ، ودَقيقٍ أوْ كَعْكٍ ببَلَدٍ، أو خُبْزِ فُرْنٍ بِمَلَّةٍ، أوْ عَيْنٍ عَظُمَ حَمْلُهَا، كَسَفْتَجَةٍ إلَّا أنْ يَعُمَّ الْخَوْفُ (٥)، وكَعَيْنٍ كُرِهَتْ إقَامَتُهَا إلَّا أنْ يَقوُمَ دَلِيلٌ عَلَى أنَّ الْقَصْدَ نَفْعُ المُقْتَرِضِ فَقَطْ في الْجَمِيع؛ كفدَّانٍ مُسْتَحْصِدٍ خَفَّتْ مَؤوْنَتُهُ عَلَيْهِ يَحْصُدُهُ وَيْدرُسُهُ وَيَردُّ مَكِيلَتَهُ، ومُلِكَ، وَلم يَلْزَمْ رَدُّهُ إلَّا بِشَرْطٍ أوْ عَادةٍ؛ كأخْذِهِ بِغَيْرِ مَحَلَّهِ إلَّا الْعَينَ.

[الكلام على القرض]

قال ابن قدامة: القرض نوع من السلف، وهو جائز بالسنة والإِجماع، أمَّا السنة، فقد روى

أبو رافع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استسلف من رجل بكرًا، فقدمت على النبي -صلى الله عليه وسلم- إبل الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، فرجع إليه أبو رافع فقال: يا رسول اللهلهه، لم أجد فيها إلَّا خيارًا رباعيًا.

فقال: "إِعْطِهِ، فَإِنَّ خَيْرَ النَّاسِ أحْسَنُهُمْ قَضَاء". رواه مسلم. وعن ابن مسعود: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقْرِضُ مُسْلِمًا مَرَّتَيْنِ إلَّا كَانَ كَصَدَقَةٍ مَرَّةً". وعن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رَأيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ مَكْتُوبًا: الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ. فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَا بَالُ الْقَرْضِ أَفَضَلُ مِنَ الصَّدَقةِ؟. قال: لأَنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ، وَالْمُسْتَقْرِضُ لَا يَسَتَقْرِضُ إِلَّا مِنْ حَاجَةٍ". رواهما ابن ماجه. قال: وأجمع المسلمون على جواز القرض. وهو مندوب إليه في حق المُقْرِضِ مباح للمقترض؛ لما روينا من الأحاديث، ولما روى =

<<  <  ج: ص:  >  >>