= اليوم. فإن الذي قدر منهم على الوقف وقف، واشتهر ذلك، فلم ينكره أحد فكان إجماعًا.
ومن أنكر الوقف احتج بحديث عبد الله بن زيد - راوي الأذان - روي أنه جعل حائطًا صدقة، وجعله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاءه أبواه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالا: لم يكن لنا عيش إلا هذا الحائط، فرده - صلى الله عليه وسلم - لهما، ثم ماتا فورثه منهما، رواه المحاملي في أماليه.
والجواب عن هذا الحديث إن صح، بأنه ليس فيه ذكر الوقف إطلاقًا، فالظاهر أنه جعله صدقة استناب فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرأى والديه أحقَّ الناس بها، فصرفها إليهما، ولهذا لم يردها عليه وإنما دفعها إليهما.
ويحتمل أيضًا أن البستان كان لهما فتصرف فيه عبد الله بهذا التصرف بغير إذنهما، فلم ينفذاه وأتيا النبي - صلى الله عليه وسلم - فرده إليهما. ا. هـ. مضمونه من المغني.
(١) وقوله: صح وقف مملوك، قال الحطاب: احترز به من وقف الإِنسان نفسه على نوع ما من العبادات، كذا ذكر ابن عبد السلام.
(٢) وقوله: ولو حيوانًا، الأصل في تحبيس ما سوى الأرض لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللهِ إِيمَانًا بِاللهِ وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ، فَإِنَّ شِبَعَة وَرِيَّهُ في مِيزَانِه". أخرجه البخاري، كذا نسب الحطاب للمتيطي واللخمي، قال: والذي للبخاري في كتاب الجهاد عن أبي هريرة رضي الله عه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللهِ إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ فَكَانَ شِبَعُهُ وَرِيُهُ رَوْثُهُ وَبَوْلُهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". فلفظ البخاري "احْتَبَسَ" على وزن: افتعل، وكذلك نقله المنذري في الترغيب والترهيب عن البخاري، ومقتضى كلام ابن عرفة رحمه الله، أن حبس بالتخفيف ليس معناه أوقف، ومخالف لما قاله القاضي عياض في المشارق، ونصه في باب الجامع في قوله: وأما خالد فإنه احتبس أذراعه أي أوقفها في سبيل الله، واللغة الفصيحة أحبس. قاله الخطابي. ويقال: حبس مخففا وحبَّس مشددًا، فدل كلام القاضي على أن حبس بالتخفيف بمعنى حبَّس بالتشديد، وهو الوقف، فصح ما قاله اللخمي والمتيطي، هذا إذا كانا نقلا الحديث بلفظ: حبس - بالتخفيف - وإن كانا نقلاه بلفظ احتبس =