= كما هو في صحيح البخاري فقد حرفه النساخ، فمعنى احتبس أوقف كما تقدم. كذا قال النووي وغيره، فصح ما قالاه أن الحديث المذكور أصل في تحبيس ما سوى الأرض، وكذا حديث خالد كما قاله القاضي عياض في شرح مسلم. ا. هـ. منه.
وفي السنن الكبرى للبيهقي بسنده عن ابن عباس أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أراد الحج فقالت امرأة لزوجها حجَّ بي مع النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال: ما عندي ما أحجك عليه. قالت: أحجني على جملك فلان. قال: ذاك حبيس في سبيل الله، قالت: فحج بي على ناضحك. قال: ذاك أعتقبه أنا وابنك. قالت: فبع ثمرتك. قال: ذاك قوتي وقوتك. فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسلت زوجها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: أقرئه السلام ورحمة الله، وسله ما يعدل حجة معك؟ فأتى زوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، امرأتي تقرئك السلام ورحمة الله، إنها سألتني أحجها فقلت: ما عندي ما أحجك عليه. فقالت: أحجني على جملك فلان. قلت: ذاك حبيس في سبيل الله. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ كُنْتَ أَحْجَجْتَهَا عَلَيْهِ كَانَ فِي سِبِيلِ الله". قالت: فاحجني على ناضحك. فقلت: ذاك نعتقبه أنا وابنك. قالت: فبع ثمرتك. فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - من حرصها على الحج، قال: فإنها أمرتني أن أسألك: ما يعدل حجة معك؟ قال:"أَقْرئْهَا السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللهِ وَأَخْبِرْهَا أَنَّهَا تَعْدِلُ حَجةً مَعِي" يعني عمرة في رَمَضَانَ؟. قال القاضي: هكذا رواه عبد الوارث عن عامر الأحول عن بكر، عن ابن عباس. ا. هـ. منه.
قلت: وهذا الحديث أخرجه المجد في منتقى الأخبار، وقال: رواه أبو داود. وقال الشوكاني في الكلام عليه: وحديث ابن عباس أخرجه أيضًا ابن خزيمة في صحيحه، وأخرجه أيضًا البخاري والنسائي مختصرًا، وسكت عنه أبو داود والمنذري، ورجال إسناده ثقات.
قال الشوكاني: وقوله: "مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا" ألخ. فيه دليل على أنه يجوز وقف الحيوان، وإليه ذهب الجمهور، وقال أبو حنيفة: لا يصح لعدم دوامه، وقال محمد، لا يصح في الخيل فقط إذ هي معرضة للتلف. قال: وحديث الباب يرد عليهما. ويؤيد الصحة حديث عمر بن الخطاب المتقدم في باب نهي المتصدق أن يشتري ما تصدق فإن فيه أن عمر حمل على فرس في سبيل الله وأطلع النبي على ذلك وقرره ونهاه عن شرائه برخص. وقد ترجم عليه البخاري في كتاب الوقف باب: وقف الدواب والكراع والعروض والصامت. قال: ومن أدلة الصحة حديث ابن عباس المذكور، وحديث تحبيس خالد يدل على جواز وقف المنقولات. ا. هـ. من نيل الأوطار للشوكاني.