للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى: {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} (١)، قال: فيه دليل على صحة جواز الإِجارة، وهي سنة الأنبياء والأولياء. ا. هـ. منه.

وفي السنن الكبرى للبيهقي باب جواز الإِجارة، قال الله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (٢). فأجاز الإِجارة على الرضاع. وقال تعالى: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} (٣). إلى آخر القصة. قال الشافعي: فذكر الله أن نَبيًّا من أنبيائه آجر نفسه حججًا مسماة ملك بها بضع امرأة، فدل ذلك على تجويز الإِجارة. ا. هـ. منه.

وقالت عائشة رضي الله عنها: استأجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر، رجلًا من بني الديل، هاديًا خريتًا، وهو على دين كُفَّار قريش، فدفعا إليه راحلتيهما ووعداه غار ثور بعد ثلاث ليال، هذا لفظ البغوي، والحديث في صحيح البخاري باب: استئجار المشركين عند الضرورة.

وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَا بَعَتَ اللهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ". فقال أصحابه، وأنت؟ فقال: "نَعَمْ، كُنْتُ أرْعَى عَلَى قَرَارِيطَ لأهْلِ مَكةَ". أخرجه البخاري في صحيحه في أول الإِجارة.

(١) قوله رحمه الله: صحة الإِجارة بعاقد وأجر، كالبيع، تقريره: صحة موافقة الإِجارة للشرع وقوعها بعاقد وأجر؛ كعاقد البيع وعوضه، فشمل العاقد المؤجر والمستأجر. وشبه العوض فيها بعوض البيع، فكان شبه العاقد فيها بعاقد البيع من حيث التمييز، وشبه عوضها بعوض البيع من حيث كونه معلومًا، طاهرًا، منتفعًا به، مقدورًا على تسليمه، غير منهي عنه .. الخ. ما تقدم في البيع.

ودليل كون الإِجارة كالبيع، ذلك ما أخرجه البيهقي في السنن الكبرى: باب لا تجوز الإِجارة حتى تكون معلومة، وتكون الأجرة معلومة استدلالًا بما روينا في كتاب البيوع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع الغرز. والإجارات صنف من البيوع والجهالة فيها غرر، ثم ساق سندًا إلى أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يُسَاوِم الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أخِيهِ وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَايَعُوا بِإِلْقَاءِ الْحَجَرِ، وَمَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُعْلِمْهُ أَجْرَهُ". قال: ورواه حماد بن سلمة، عن حماد، عن إبراهيم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن استئجار الأجير، يعني حتى يبين له أجره. =


(١) سورة الكهف: ٧٧.
(٢) سورة الكهف: ٧٧.
(٣) سورة القصص: ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>