للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال: وحدثنا يعقوب، حدثني عمرو بن الربيع، ثنا ابن لهيعة، جميعًا عن يزيد ابن أبي حبيب، عن ربيعة بن لقيط، أخبره عن مالك بن هدم - يعني عن عوف بن مالك، قال: غزونا وعلينا عمرو بن العاص، وفينا عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح، فأصابتنا مخمصة شديدة، فانطلقت ألتمس المعيشة، فألغيت قومًا يريدون ينحرون جزورًا لهم، فقلت: إن شئتم كفيتكم نحرها وعملها واعطوني منها. ففعلت، فأعطوني منها شيئًا فصنعته ثم أتيت عمر بن الخطاب فسألني من أين هو؟ فأخبرته، فقال: أسمعك تعجلت أجرك. وأبى أن يأكله، ثم أتيت أبا عبيدة فأخبرته فقال لي مثلها، وأبى أن يأكله، فلما رأيت ذلك تركتها، قال: ثم أبردوني في فتح لنا فقدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "صاحِبُ الْجَزُورِ"؟. ولم يرد علي شيئًا. وفي حديث سعيد: لم يزدني على ذلك. قال البيهقي: وفي هذا أن الأجرة كانت مجهولة، وفي الذمة معلقة بعين. والله أعلم. ا. هـ.

وقال ابن قدامة في المغني: يشترط في عوض الإِجارة كونه معلومًا. لا نعلم في ذلك خلافًا، وذلك لأنه عوض في عقد معاوضة، فوجب أن يكون معلومًا كالثمن في البيع، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُعْلِمْهُ أَجْرَهُ". ا. هـ. منه.

وفي المقدمات لابن رشد: لا تجوز الإِجارة إلا بأجرة مسماة، معلومة، وأجل معروف، أو ما يقوم مقام الأجل من المسافة فيما يحمل، أو توقيت العمل فيما يستعمل، وعمل موصوف، أو عرف في العمل والخدمة، يدخل عليه المتآجرون فيقوم ذلك مقام الصفة، يدل على ذلك قوله تعالى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} (١) قال: فسمى الأجرة وضرب الأجل ولم يصف الخدمة والعمل، لأن العرف والعادة أغنياهما عن ذلك.

قال: وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُعْلِمْهُ أَجْرَهُ". وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُؤْجِرْهُ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ إِلى أَجَلٍ مَعْلُومٍ". فأمر - صلى الله عليه وسلم - بتسمية الأجر، وضرب الأجل، وسكت عن وصف العمل، إذْ قد يستغنى عن ذلك بالعرف والعادة اللذين يقومان مقامه.

(٢) وقوله: وعجل إن عَيَّنَ، تقريره: وعجل الأجر وجوبًا شرطًا في الصحة إن عين الأجر، لأن عدا تعجيل المعين يؤدي إلى بيع معين يتأخر قبضه، وفيه غرر إذ لا يدري أيستمر على حاله أم يتغير؟. =


(١) سورة القصص: ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>