للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إرَادَتُهَا، فيَحْلِفُ وَيَبْقَى على حَقِّهِ إنِ امْتَنَعَ كعَفْوِهِ عن العبد.

= لأنه ليس من ذلك الباب وإنما هو من خطاب الوضع، ولا يشترط فيه علم المكلف ولا قدرته ولا كونه من كسبه، فيضمن النائم ما أتلفه في حال نومه من الأموال في ماله، وكذلك ما أتلفه من الدماء، غير أنه إن كان دون ثلث الدية فعليه، وإن بلغ ثلث الدية فأكثر فهو على عاقلته. اهـ. منه.

ودليل وجوب القود قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} (١)، الآية.

ومن السنة حديث أبي هريرة عند أبي داود، قال: قتل رجل على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فرفع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدفعه إلى وليِّ المقتول، فقال القاتل: يا رسول الله، والله ما أردت قتله، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للولي: "أَمَا إِنَّهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا ثُمَّ قَتَلْتَهُ دَخَلْتَ النَّارَ" قال: فخلَّى سبيله، قال: وكان مكتوفًا بنسعة، فخرج يجر نسعته. أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وقال الترمذي حديث حسن صحيح. وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْر النَّظَرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يَفْتَدِيَ وَإِمَّا أَنْ يَقْتُلَ". قال المجد في المنتقى: رواه الجماعة لكن لفظ الترمذي: "إِمَّا أَنْ يَعْفُوَ وَإِمَّا أَنْ يَقْتُلَ".

(٢) وقوله: وإن رُقَّ، قال المتيطي: العبيد مكلفون، وجنايتهم متعلقة برقابهما دون ساداتهم، ولا يلزم ساداتهم أكثر من إسلامهم بما جنوا، سواء كانت الجناية مما يجب فيه القصاص أو لا، وجناياتهم ثلاثة أقسام: جنايتهم على العبيد، وجنايتهم على الأحرار، وجنايتهم على الأموال.

فأما جنايتهم على العبيد؛ فمالك يرى فيها أن عليهم القود بينهم في النفس. وأما جنايتهم على الأحرار؛ ففي المدونة: قال مالك: يقتل العبد بالحر إن شاء الوليّ، فإن استحياه خير السيد بين إسلامه وفدائه بالدية. اهـ. من المواق.

قالوا: ودليل قتل العبد بالحر هو فحوى الخطاب من قوله تعالى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} (٢). وأما قتل الحر بالعبد فإن أهل العلم اختلفوا فيه، فقد ذكر عن أبي حنيفة وأبي يوسف أنهما يقولان: يقتل الحر بعبده، قال الشوكاني: وحكاه صاحب الكشاف عن سعيد بن المسيب، والشعبي، والنخعي، وقتادة، والثوري وأبي حنيفة وأصحابه. قال: وحكى الترمذي عن الحسن البصري؛ وعطاء، وبعض أهل العلم أنه ليس بين الحر والعبد قصاص؛ لا في نفس ولا فيما دون النفس، قال وهو قول أحمد وإسحاق وحكاه صاحب الكشاف عن عمر بن عبد العزيز، والحسن، =


(١) سورة الإسراء: ٣٣.
(٢) سورة البقرة: ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>