قال ابن قدامة: ولنا ما رواه أبو هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص في العرايا في خمسة أوسق، أو دون خمسة أوسق. حديث متفق عليه. ورواه زيد بن ثابت، وسهل بن أبي حثمة وغيرهما.
وأخرجه أئمة الحديث في كتبهم. قال: وقال ابن المنذر: الذي نهى عن المزابنة هو الذي أرخص في العرايا، وطاعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أولى، والقياس لا يصار إليه مع النص، ا. هـ. منه.
قال ابن قدامة: لا تجوز العرية في زيادة على خمسة أوسق بغير خلاف نعلمه، وتجوز فيما دون خمسة أوسق بغير خلاف بين القائليق بجوازها.
قال: وأما في خمسة أوسق، فلا يجوز عند إمامنا رحمه الله -يعني أحمد بن حنبل- وبذلك قال ابن المنذر، والشافعي في أحد قوليه. وقال مالك والثافعي في قول: يجوز ذلك في خمسة أوسق، ورواه إسماعيل بن سعيد عن أحمد، لأن في حديث سهل وزيد أنه رخَّص في العرية مطلقًا، ثم استثنى ما زاد على خمسة أوسق في حديث أبي هريرة، وشك في الخمسة، فاستثنى اليقين، وبقي المشكوك فيه على مقتضى الإِباحة.
قال: ولنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المزابنة، والمزابنة بيع الرطب بالتمر، ثم أرخص في العرية فيما دون خمسة أوسق، وشُكَّ في الخمسة، فيبقى على العموم في التحريم، ولأن العرية رخصة بنيت على خلاف النص يقينًا فيما دون خمسة أوسق، والخمسة مشكوك فيها، فلا تثبت إباحتها مع الشك. قال: وروى ابن المنذر بإسناده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخَّص في بيع العريَّة في الوسْق والوسْقيْن، والثلاثة، والأربعة، قال: والتخصيص بهذا يدل على أنه لا تجوز الزيادة في العدد عليه، كما حصل الاتفاق على أنه لا تجوز الزيادة على الخمسة لتخصيصها بالذكر، وروى مسلم عن سهل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص في بيع العريَّة النخلة والنخلتين.
وأما إن باع الرجل عريتين من رجلين فيهما أكثر من خمسة أوسق جاز ذلك. وقال أبو بكر والقاضي: لا يجوز. قال: ولنا أن علة التجويز حاجة المشتري؛ بدليل ما روي عن محمود بن لبيد. قال: قلت لزيد بن ثابت: ما عراياكم هذه؟. فسَّمى رجالًا محتاجين من الأنصار شكوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يبتاعوت به رُطَبًا يأكلونه، وعندهم فضول من=