= كيف شئت. قال: ولأن في ذلك إضرارًا بالناس؛ فإذا زاد تبعه أصحاب المتاع، وإذا نقص أضر بأصحاب المتاع. قال: واستدل المانعون للتسعير بما رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، عن أنس، قال: غلا السِّعر على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: يارسول اللهلهه، غلا السِّعر فسعِّر لنا فقال:"إِنَّ اللهَ هُوَ المُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ، الرَّزَّاقُ، إنِّي لَأرْجُو أَنْ ألْقَى اللهَ تَعَالَى وَلَيْسَ أحَدٌ يَطْلُبُني بِمَظْلمَةٍ في دَمٍ ولَا مَالٍ". قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وقال بعض أهل المذهب الحنبلي: التسعير سبب للغلاء، لأن الجالبين إذا بلغهم ذلك لم يقدموا بسلعهم بلدًا يكرهون فيه على بيعها بغير ما يريدون، ومن عنده البضاعة يمتنع من بيعها ويكتمها فيطلبها أهل الحاجة إليها فلا يجدونها إلَّا قليلًا فيرفعون في ثمنها ليصلوا إليها، فتغلو الأسعار ويحصل الضرر للجميع. ا. هـ. منه بتصرف؟.
وأمَّا الاحتكار، فهو حرام منهي عنه لما روي عن أبي أمامة قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يحتكر الطعام، وروي عن سعيد بن المسيب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"مِنَ احْتكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ". وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج مع أصحابه فرأى طعامًا كثيرًا قد ألقي على باب مكة، فقال: ما هذا الطعام؟. فقالوا: جلب إلينا فقال: بارك الله فيه، وفيمن جلبه. فقيل له: فإنه احْتُكِر. قال: ومَنِ احْتكَرَه؟. قالوا: فلان وفلان، مولى عثمان بن عفان ومولاك. فأرسل إليهما، فقال: ما حملكما على احتكار الطعام على المسلمين؟. قالا: نشتري بأموالنا ونبيعُ. قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمينَ طَعَامَهُمْ لم يَمُتْ حَتَّى يَضْرِبَهُ اللهُ بالْجُذَامِ، أَو الْإِفْلَاسِ".
قال الراوَي: فأما مولى عثمان فباعه. وقال: والله لا أحتكره أبدًا. وأما مولى عمر، فلم يبعه، فرأيته مجذومًا.
وروي أيضًا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ ".
قال ابن قدامة: والاحتكار المحرم ما اجتمعت فيه ثلاثة شروط:
أولها: أن يكون مشتريًا؛ فلو جلب شيئًا، أو أدخل من غلته شيئًا فادخره، لم يكن محتكرًا.
قاله مالك والحسن، والأوزاعي وقال: الجالب ليس بمحتكر لقوله -صلى الله عليه وسلم- "الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَالْمُحْتَكِرُ =