= وأما السنة، فقد أخرج البيهقي بسنده عن شرحبيل بن مسلم عن أبي أُمامة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"الزَّعِيمُ غَارِمٌ". قال المزني: والزعيم في اللغة هو الفيل. قال الشيخ: ورويناه عن قتادة والسدي، ا هـ. منه.
وهذا الحديث رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن. اهـ.
وأخرج البيهقي بسنده عن فضالة بن عبيد، سمعه يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"أَنَا زَعِيمٌ، وَالزَّعِيمُ الْحَمِيلُ، لِمَنْ آمَنَ بِي وَأسْلَمَ وَهَاجَرَ، بِبَيْتٍ فِي رَيَضِ الْجَنَّةِ".
وقد أجمع المسلمون على جواز الضمان في الجملة، دكانما اختلفوا في فروع منه. وأخرج البخاري تعليقًا في كفالة الوجه: وقال أبو الزناد عن خحمد بن حمزة بت عمرو الأسلمي عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعثه مُصدِّقًا، فوقع رجل على جارية امرأته، فأخذ حمزة من الرجل كفلاء حتى قدم على عمر، وكان عمر قد جلده مائة جلدة، فصدَّقهم، وعذره بالجهالة. اهـ.
قال ابن حجر في الفتح: واستفيد من هذه القصة مشروعية الكفالة بالأبدان، فإن حمزة بن عمرو الأسلمي صحابي، وقد فعله ولم ينكر عليه عمر مع كثرة الصحابة حينئذ، اهـ. منه.
وجاء في الحديث ما يؤخذ منه أن الضمان كان جائزًا في شرع من قبلنا؛ فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه ذكر رجلًا من بني اسرائيل سأل بعض بني اسرائيل أن يسلفه ألف دينار فقال: ائتني بالشهداءِ أشهدُهم. فقال: كفى بالله شهيدًا. قال: فائتني بالكفيل. قال: كفى بالله كفيلًا. قال: صدقت. فدفعها إليه إلى أجل مُسَمًّى. فخرج في البحر فقضى حاجته ثم التمس مركبًا يركبها يقدَم عليه للأجل الذي أجَّله فلم يجد مركبًا، فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه، ثم زجَّج موضعها، ثم أتى بها إلى البحر فقال: اللهم إنك تعلم أني كنت تسلَّفت فلانًا ألف دينار فسألني كفيلًا فقلت: كفى بالله كفيلًا. فرضي بك، وسألني شهيدًا فقلت: كفى بالله شهيدًا فرضي بذلك، وإني جَهَدْتُ أن أجد مركبًا أبعث إليه الذي له فلم أقدر، وأني استودعُكها، فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه، ثم انصرف وهوفي ذلك يلتمس مركبًا يخرج إلى بلده، فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبًا قد جاء بماله، فإذا بالخشبة التي فيها المال، فأخذها لأهله حطبًا، فلما نشرها وجد المال والصحيفة. ثم قدم الذي كان أسلفه، فأتى بالألف دينار =