للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} - إلى قوله - قَالَ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا} (١). وقوله تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} (٢). في آي كثيرة مثل هذا.

وأما السنة: فما روي أن ماعزًا أقر بالزنا، فرجمه رسول -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك الغامدية وقال -صلى الله عليه وسلم-: "اغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هذَا فَإِنِ اعْتَرفَتْ فَارْجُمْهَا".

وأَما الإِجماع، فإن الأمة أجمعت على صحة الإِقرار. قال: ولأن الإِقرار إخبار على وجه ينفي عنه التهمة والريبة، فإن العاقل لا يكذب على نفسه كذبًا يضر بها، ولهذا كان آكد من الشهادة، فإن المدعى عليه إذا اعترف لا تسمع عليه الشهادة، وإنما تسمع إذا أنكر، ولو كذَّب المدعي بينته لم تسمع، وإن كذب المقر ثم صدَّقه سمع، اهـ.

وقال الصنعاني: الإِقرار لغة الإِثبات. وفي الشرع: إخبار إنسان بما عليه. وهو ضد الجحود.

عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال لي رسول اللُه -صلى الله عليه وسلم-: "قُلِ الْحَقَّ وَلَوْ كَانَ مُرَّا". صححة ابن حبان من حديث طويل. قال: وقوله: "قُلِ الْحَقَّ" يشمل قوله على نفسه وعلى غيره، وهو مأخوذ من قوله تعالى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} (٣). الآية، وقوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} (٤) الآية. قال: وفيه دلالة على اعتبار إقرار الإنسان على نفسه في جميع الأمور، وهو أمر عام لجميع الأحكام، لأن قول الحق على النفس هو الإخبار بما عليها مما يلزمها التخلص منه بمال أو بدن أو عِرْضِ. قال: وقوله "وَلَوْ كَانَ مُرًا" من باب التشبيه، لأن الحق قد يصعب إجراؤه على النفس، كما يصعب عليها إساغة المر لمرارته. ويأتي في باب الحدود والقصاص أحاديث في الإقرار. اهـ. منه باختصار.

(١) قول المصنف: يؤاخذ المكلف بلا حجر بإقراره، دليله، عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى رجل رسول اللُه -صلى الله عليه وسلم- وهو في المسجد فناداه فقال: يا رسول الله، إني زنيت. فأعرض عنه، حتى ردَّد عليه أربع مرات، فلما شهد على نفسه أربع شهادات، دعاه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أَبِكَ جُنُونٌ"؟ قال: لا. فقال: "هَلْ أحْصِنْتَ"؟ قال: نعم:


(١) سورة آل عمران: ٨١.
(٢) سورة التوبة: ١٠٢.
(٣) سورة النساء: ١٣٥.
(٤) سورة النساء: ١٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>