للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ..

= ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (١)، وقال تعالى أيضًا في هذه السورة {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (٢) وأما السنة فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ". قالوا: وما هن يا رسول الله؟. قال: "الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ". متفق عليه. وأجمع العُلماء على وجوب الحد على من قذف المحصن إذا كان مكلفًا.

(١) قوله: قذف المكلف حرًا مسلمًا بنفي نسب عن أب أو جد - إلى قوله: يوجب الحد، قال ابن عرفة: القذف الأعم هو نسبة آدمي غيره لزنى أو قطع نسب مسلم، والأخص بإيجاب الحد: نسبة آدمي مكلف غيره حرًا عفيفًا مسلمًا بالغًا أو صغيرة تطيق الوطء لزنى أو قطع نسب مسلم.

وقد تقدم استجلاب آية النور التي نصت على جلد القاذف للمحصنات. قال القرطبي في تفسيره للآية: ذكر اللهُ تعالى في الآية النساء من حيث هن أهم، ورميهن بالفاحشة أشنع وأنكى للنفس، وقذف الرجال داخل في الآية بالمعنى، وإجماع الأمة على ذلك، قال: وحكى الزهراوي أن المعنى: والأنفس المحصنات، فهي في لفظها تعم الرجال والنساء، ويدل لذلك قوله تعالى في سورة النساء: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ}. قال: وللقذف شروط تسعة:

شرطان في القاذف، وهما: العقل والبلوغ؛ لأنهما أصلا التكليف؛ إذ التكليف ساقط بدونهما.

وشرطان في الشيء المقذوف به؛ وهو أن يقذف بوطء يلزمه فيه الحد، وهو الزنى واللواط، أو بنفيه عن أبيه دون سائر المعاصي.

وخمسة في المقذوف وهي: الحرية، والعقل، والبلوغ، والإِسلام، والعفة عن الفاحشة التي رمي بها، كان عفيفًا من غيرها أو لا.

قال: وإنما شرطنا في المقذوف العقل والبلوغ كما شرطناهما في القاذف، وإن لم يكونا من معاني الإحصان؛ لأجل أن الحد إنما جعل للزجر عن الإِذاية بالمضرة الداخلة على المقذوف، ولا مضرة على من عدم العقل والبلوغ، إذ لا يوصف اللواط فيهما ولا منهما بأنه زنى. =


(١) سورة النور: ٤.
(٢) سورة النور: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>