(١) قوله رحمه الله: تقطع المنى وتحسم بالنار، دليل قطعها من كتاب الله تعالى قوله جل وعز في سورة المائدة:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}(١). وروت عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"الْقَطْعُ في رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا". قال البغوي: هذا حديث متفق على صحته. أخرجه محمد عن عبد الله بن مسلمة، عن إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب، وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى وغيره عن سفيان بن عيينة. وانعقد إجماع المسلمين على وجوب قطع السارق في الجملة.
وقطع السارق كان موجودًا في الجاهلية، قال القرطبي في تفسيره: أول من حكم بقطع السارق في الجاهلية الوليد بن المغيرة، فأمر الله بقطعه في الإِسلام، فكان أول سارق قطعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإسلام من الرجال الخيار بن عديّ بن نوفل بن عبد مناف، ومن النساء مُرة بنت سفيان بن عبد الأسد من بني مخزوم، وقطع أبو بكر رضي الله عنه اليد اليمنى للذي سرق العقد، وقطع عمر رضي الله عنه يد ابن سمرة أخي عبد الرحمن بن سمرة. ا. هـ.
ولا خلاف بين أهل العلم في أن السارق أول ما يقطع منه يده اليمنى من مفصل الكف، وهو الكوع، وفي قراءة ابن مسعود: فاقطعوا أيمانهما، فهي وإن لم تجز القراءة بها لعدم تواترها، فإنها لا تقل عن تفسير الآية. وقد روي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما قالا: إذا سرق السارق فاقطعوا يمينه من الكوع. ولا مخالف لهما من الصحابة، قاله في المغني.
وإذا قطع السارق حسم بالنار؛ وهو أن يغلى الزيت، فإذا قطع غمس عضوه في الزيت لتنسد أفواه العروق لئلا يصاب بنزيف للدم فيموت.
وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى بسارق سرق شملة فقال:"اقْطَعُوهُ وَاحْسِمُوهُ". قال ابن المنذر: وهو حديث فيه مقال.
وممن استحب الحسم بالنار: الشافعي، وأبو ثور وغيرهما من أهل العلم، وهو مذهب أحمد، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك وأمر به القاطع، يكون الزيت من بيت المال.
(٢) وقوله: إلا لشلل أو نقص أكثر الأصابع فرجله اليسرى، وَمُحيَ ليده اليسرى، نقل المواق هنا =