للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فَاجْتَنِبُوهُ} (١). وأما السنة فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٌ حَرَامٌ". قال ابن قدامة: رواه أبو داود والإِمام أحمد. قال: وأجمعت الأمة على تحريم الخمر. ا. هـ.

قال القرطبي: والخمر مأخوذةٌ من خَمَرَ إذا ستر، ومنه اشتق خمار المرأة، وكل شيء غطَّى شيئًا فاقد خَمره. ومنه"خَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ". فالخمر تَخْمُر الْعَقْلَ أي تُغَطِّيهِ وتسْتره قال: ومن ذلك يقال للشجر الملتف الخَمَرُ - بفتح الميم - لأنه يغطي ما تحته ويستره. يقال منه: أخْمَرتْ الأرضُ. إِذا كَثُرَ خَمَرُهَا، قال الشاعر:

ألَا يا زيادُ والضَّحاكَ سيرا … فَقد جَاوَزْتُما خَمَرَ الطريق

أي فقد جاوزتما الوهدة التي يستتر فيها الذئب وغيره. قال: ومن ذلك قولهم: دخلت في غُمَّار الناس وخُمَّارهم، أي في مكان خاف. قال: فلما كانت الخمر تستر العقل وتغطيه سميت بذلك.

وقيل سميت خمرًا لأنها تركت حتى أدركت، كما يقال خُمِر الرأي إذا ترك حتى تبين فيه الوجه، كما يقال اختمر العجين أي بلغ إدراكه.

وقيل اشتق لها ذلك الإِسم من المخامرة وهي المخالطة لأنها تخالط العقل، قال: ومن ذلك قولهم: دخلت في خُمَّار الناس، أي اختلطت بهم، فالمعاني الثلاثة متقاربة. فالخمر تركت وخمرت حتى أدركت ثم خالطت العقل ثم خمرته، والأصل الستر.

والخمر ماء العنب الذي غَلَى أو طبخ، وما خامر العقل من غيره فهو في حكمه.

وجمهور الأمة على أن ما أسكر كثيره من غير خمر العنب، محرم قليله وكثيره.

وأن الحد في ذلك واجب. وقال أبو حنيفة، والثوري، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة وجماعة من فقهاء الكوفة: ما أسكر كثيره من غير خمر العنب فهو حلال، وإذا سكر منه أحد دون أن يتعمد الوصول إلى حد السكر فلا حد عليه، قال: وهذا ضعيف يرده النظر والخبر. ا. هـ. منه.

(١) قوله: بشرب المسلم المكلف ما يسكر جنسه إلخ. قال ابن رشد: الشِّرب الموجب للحد هو شرب مسلم مكلف ما يسكر كثيره مختارًا. وقوله: وإن قلّ، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ". ا. هـ. المواق. =


(١) سورة المائدة: ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>