= أبو حنيفة، قال: عليه ضمانه لأنه أتلف مال الغير لإِحياء نفسه.
أما إن صال عليه رجل ودخل منزله بغير إذنه، فله إنذاره بالخروج من منزله، سواء كان معه سلاح أو لا؛ لأنه متعد بدخول ملك غيره بدون إذنه، فإن امتثل وخرج لم يكن له ضربه، فإن لم يخرج بالأمر، فله ضربه بأسهل ما يعلم أنه يدفعه، لأن المقصود دفعه، فإن لم يمكن دفعه إلَّا بالقتل، أو خاف أن يبدره بالقتل إن لم يقتله، فله قتله، فإن قتله أو أصاب منه عضوًا كان هدرًا، لأنه أتلفه لدفع شره، وإن قتل صاحب الدار كان شهيدًا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أرِيدَ مَالُهُ بغَيْرِ حَقٍّ فَقَاتَلَ فَقتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ". قال ابن قدامة: رواه الخلال بسنده.
وكل من عرض للإنسان يريد نفسه أو ماله فحكمه ما ذكرنا فيمن دخل منزله، فقد ثبت عن أحمد في اللصوص يريدون نفسك ومالك: قاتلهم تمنع نفسك ومالك، وقال عطاء في المحرم يلقى اللصوص، قال: يقاتلهم أشد قتال، وقال ابن سيرين ما أرى أحدًا ترك قتال الحرورية واللصوص تأثمًا إلَّا أن يجبن، وقيل للحسن: إني أخرج في هذا الوجه، أخوف شيء عندي يلقاني المصلي يعرض لي في مالي، فإن كففت يدي ذهبوا بمالي، وإن قاتلت المصلي ففيه ما علمت. قال: يا بني من عرض لك في مالك فاقتله فإلى النار، وإن قتلك فشهيد. وروي نحو ذلك عن أنس، والشعبي، والنخعي.
وسئل الإمام أحمد عن امرأة راودها رجل على نفسها فقتلته لتحصن نفسها، فقال: إذا علمت أنه لا يريد إلَّا نفسها فقتلته لتدفع عن نفسهما فلا شيء عليها، وذكر حديثًا يرويه الزهري عن القاسم بن محمد، عن عبيد بن عمير، أن رجلًا أضاف ناسًا من هذيل، فأراد امرأة على نفسها، فرمته بحجر فقتلته، فقال عمر: والله لا يودى أبدًا. والأمر في هذا ظاهر؛ فإنه إن جاز الدفع عن المال الذي يجوز بذله، فإنه يجوز دفع المرأة عن نفسها وصيانتها عن الفاحشة من باب أولى.
(١٤) وقوله: وما أتلفته البهائم ليلًا فعلى ربها ألخ. الأصل في ذلك حديث الموطإ أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل فأفسدت فيه فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها. قال ابن عبد البر: إن كان هذا مرسلًا فهو مشهور، حدث به الأئمة الثقات وتلقاه فقهاء الحجاز بالقبول. ا. هـ. والله الموفق.