= الليل، ثم يدخل مكة، فكان ابن عمر يراه سنة. روى نافع عن ابن عمر قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر وعثمان ينزلون الأبطح. ولذلك فإن جماعة ذهبوا إلى أن التحصيب سنة. والمذهب عند أصحابنا كذلك. وسوف يقول المُصَنِّف بعد قليل: وتحصيب الراجع ليصلي أربع صلوات، غير أنه هنا يقول: أن غير المقتدى به يجوز له ترك التحصيب، وذلك - في نظري - مراعاة لقول القائلين بعدم سنيته، وهو قول عائشة: نزول الأبطح ليس بسنة، إنما نزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان أسمح لخروجه إذا خرج. أخرجه البخاري ومسلم.
قلت: وهذا الخلاف مبني على ما تقدمت الإِشارة إليه مرارًا؛ من أن فعله - صلى الله عليه وسلم - الذي تقتضيه الجبلة البشرية ليس داخلًا في حد السنة، فإن اتفق أن اقترنت عبادة بذلك الفعل، جرى الخلاف فيها؛ فمن يقول: سنة، قال: لفعله - صلى الله عليه وسلم -. ومن يقول: ليس بسنة، يقول: فعل فعله لأن الجبلة البشرية تقتضيه، ولذلك قالت عائشة ما تقدمت الإِشارة إليه. وروي عن ابن عباس: التحصيب ليس بشيء، إنما هو منزل نزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه البخاري ومسلم. وبالله تعالى التوفيق.
(١) وقوله: ورمى كل يوم الثلاث إلى آخره، هو تفصيل يبين فيه كيفية ووقت الرمي. أما أدلة وقت الرمي؛ فإنه بالنسبة لجمرة العقبة؛ أخرج مسلم في صحيحه، وأخرج البخاري تعليقًا بصيغة الجزم والبغوي - وهذا اللفظ له - عن جابر قال: رمى النبي - صلى الله عليه وسلم - الجمرة يوم النحر ضحىً، وأما بعده فإذا زالت الشمس. ا. هـ.
ويعني بقوله: بعده، أي بعد يوم النحر، فهو توقيت منه لرمي الجمار أيام التشريق. وفي ذلك أخرج الموطأ عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا نرمي الجمار في الأيام الثلاثة حتى تزول الشمس. وهو في شرح السنة للبغوي. وأخرج البغوي أيضًا بسنده عن مسعر عن وبرة، قال: =