للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يؤكل ما صادوه لقوله تعالى: {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} (١). قال علماؤنا: وافترق صيد الكتابي عن ذبحه ونحره؛ لأن في الصيد نوعًا من التعبد وللوقوف أيضًا مع الإسناد في الآية، فإنه تعالى قال في صدر الآية الكريمة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} (٢). فخرج عنهم أهل الكتاب. وخالف الجمهور في ذلك. قال ابن قدامة في المغني: وأكثر أهل العلم يرون إباحة صيدهم. قال ذلك عطاء، والليث، والشافعي، وأصحاب الرأي، ولا نعلم أحدًا حرم صيد أهل الكتاب إلا مالكًا، فإنه أباح ذبائحهم وحرم صيدهم. ا. هـ. منه. ودليل إباحة صيدهم عند الجمهور قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (٣). وأجاب علماؤنا بأن الآية إنما أباحت أكل طعامهم، والصيد باب آخر فلا يدخل في عموم الطعام، ولا يتناوله مطلق لفظه.

قال القرطبي في تفسيره: وهذا الجواب بناءً على أن الصيد ليس مشروعًا عند أهل الكتاب، فلا يكون من طعامهم، فأما إن كان مشروعًا عندهم في دينهم، فإنه يلزمنا أكله لتناول اللفظ له حينئذ، لأنه من طعامهم. ا. هـ. منه بتصرف قليل.

قلت: وهذا أول الكلام على الصيد، والأصل في إباحة الصيد كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أما الكتاب فقد قال تعالى في سورة المائدة: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} (٤). وقال تعالى في المائدة أيضًا: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} (٥). وقال تعالى في سورة المائدة أيضًا: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} (٦). فقوله: الجوارح، جمع جارحة، لأنها تجرح الصيد، أي تكسبه. ومن ذلك الاستعمال قوله تعالى في الأنعام: {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} (٧). أي ويعلم ما كسبتم بالنهار. وقوله: مكلبين، جمع مكلب، وهو الذي يسلط الكلاب على الصيد. =


(١) و (٢) سورة المائدة: ٩٤.
(٣) سورة المائدة: ٥.
(٤) سورة المائدة: ٩٦.
(٥) سورة المائدة: ٢.
(٦) سورة المائدة: ٤.
(٧) سورة الأنعام: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>