للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْكَلأَ فَذلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللهِ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ".

فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قسم الناس بالنسبة إلى ما جاء به من الهدى إلى ثلاثة أقسام:

أولًا: شبه من تحمل العلم وتفقه به، بالأرض الطيبة يصيبها المطر فتنبت وينتفع الناس بها.

ثانيًا: شبه من تحمل العلم ولم يتفقه به بالأرض الصلبة التي لا تنبت، ولكنها تمسك الماء فيأخذه الناس وينتفعون به.

ثالثًا: شبه من لم يحمل علمًا ولم يتفقه، بالقيعان التي لا تنبت ولا تمسك الماء، فهو الذي لا خير فيه.

أقول: كثيرًا ما أسمع من بعض طلبة العلم -ممن هم من القسم الثاني من أقسام الناس بموجب هذا الحديث- يقولون: من أين لخليل قوله كذا؟. من أين لمالك قوله كذا؟. وما أدى بهم إلى ذلك إلا أنهم لم يتذوقوا طعم الفقه.

إنهم أوعية علم فقط ينتفع به من يسمعه منهم ممن فقهه الله في الدين، وذلك ما دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى قوله: "نَضَّرَ اللهُ امْرَءًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا فَأدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ". وفي رواية: "فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ".

وقد كانت فروع المذهب المالكي من أكثر الفُروعِ جريًا على الأدلة، لا يماثله في ذلك أي مذهب من المذاهب المدونة فروعها، ذلك أن مذهبي الشافعي وأحمد معروفان بأنهما أهل الحديث، ومذهب أبي حنيفة معروف

<<  <  ج: ص:  >  >>