= وأما الأفراد من المؤمنين فإن أمانهم نافذ، إن كان لأفراد محصورين، وسواء في ذلك الرجل والمرأة والعبد، خلافًا لأبي حنيفة في العبد قال: لأنه لم يكن مأذونًا في الجهاد؛ وذلك لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"الْمُسْلِمُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ". أخرجه البغوي، وأحمد، وأبو داود، وابن ماجه.
وقد أمنت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا العاص بن الربيع، فنادت والناس في صلاة الصبح: أيها الناس، إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نَعَمْ، لكِنْ لَا يَقْرَبُكِ، إِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكِ". أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -. وأجارت أم هانئ بنت أبي طالب حموين لها يوم الفتح، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أمَّ هَانِئٍ". وهو حديث في الموطإ والبخاري ومسلم والبغوي، ولفظه من حديث أبي مرة، مولى أم هانئ بنت أبي طالب أنه سمعها تقول: ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح فوجدته يغتسل، وفاطمة ابنته تستره بثوب، فقالت: فسلمت، وقال:"مَنْ هذِهِ". فقلت: أم هانئ بنت أبي طالب. فقال:"مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئ". فلما فرغ من غسله، قام فصلى ثماني ركعات؛ ملتحفًا في ثوب واحد ثم انصرف، فقلت له: يا رسول الله، زعم ابن أمِّي علي بن أبي طالب أنه قاتل رجلًا أجرتُه؛ فلان بن هبيرة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قَدْ أجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئ". وذلك ضحى. قال البغوي: هذا الحديث متفق على صحته. ا. هـ. وكل هذه التفاصيل التي ذكرت في الأمان، دليلها:{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ}(١). الآية. =