للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مالك، لأن كل مسألة جاء دليل عليها من الكتاب أو السنة أومن إجماع الأمة، لا يمكن أن تضاف إلى مذهب كائن من يكون، ولا يجوز فيها التقليد أبدًا؛ إذ لا تقليد إلا في محل الاجتهاد، ولا يجوز الاجتهاد في محل ورد فيه نص؛ لأن نصوص الكتاب والسنة حاكمة على كل المجتهدين، ولا يجوز لأي مجتهد مخالفة النص بحال من الأحوال. نعم، قد يرد النص مجملًا فيحمله هذا المجتهد على أحد احتماليه أو احتمالاته بدليل شرعي، ويحمله الآخر على غير ذلك بدليل آخر؛ ولابد لطالب العلم أن يفرق بين الاتباع والتقليد، والفرق بينهما واضح؛ وهو أن كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلد له، وأن كل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبع له.

قال شيخنا رحمه الله في أضواء البيان عند قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} (١) الآية -عند التنبيه الرابع- ما نصه: وأمَّا كون العمل بالوحي اتباعًا لا تقليدًا فهو أمر قطعي، والآيات الدالة على تسميته اتباعًا كثيرة جدًا. قال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} (٢). وقال تعالى: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} (٣). وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (٤) وقال تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا


(١) سورة محمد: ٢٤.
(٢) سورة الأعراف: ٣.
(٣) سورة الزمر: ٥٥.
(٤) سورة الأعراف: ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>