للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= إذن منه، أو بترك حقوق الله؛ من غسل جنابة أو صلاة أو صيام رمضان، كان عليه أن يعظها بما يلين به قلبها، للرغبة في ثواب طاعة الله والخوف من عقاب معصيته، فإن لم يفد فيها الوعظ والإِرشاد، هجرها في مضجعها بترك النوم معها وترك الاستمتاع بها، ولا يبلغ بذلك الهجران أربعة أشهر، فإن لم يفد الهجران، ضربها ضربًا غير مبرح؛ وهو الذي لا يكسر عظمًا ولا يشين جارحة، بشرط أن يظن إفادة الضرب، فإن تحقق أو ظن أو شك عدم إفادة الضرب تركه؛ لأن الوسيلة إذا لم يترتب عليها المقصود لا تشرع، وأما الوعظ والهجران، فلا يشترط فيهما ظن الإِفادة لعدم تأثيرهما في الذات، والدليل قول الله تعالى في سورة النساء: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} (١). قال البغوي: نشوزهن أي عصيانهن وتعاليهن عما أوجب الله عليهن من طاعة الأزواج. وقيل: النشوز كراهية كل واحد من الزوجين صاحبه. يقال: نشزت المرأة تنشز فهي ناشز بغير هاء، قال الشافعي: وفي الآية دلالة على ما يمكن أن تعاقب فيه المرأة، أو تعاتب عليه؛ فإذا رأى منها دلالة على الخوف من فعل وقول، وعظها، فإن أبدت نشوزها، هجرها، فإن أقامت عليه ضربها. وقوله تعالى: {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} (٢). قال البغوي: هو أنَّ المرأة تشح على مكانها من زوجها، والرجل يشح على المرأة بنفسه إذا كان غيرها أحبَّ إليه منها. قال: يقال شحَّ يشح؛ بضم الشين وبكسرها. ا. هـ. منه.

وفي الحديث: عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لَا تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللهِ". فأتاه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، ذَئرَ النساء على أزواجهنَّ، فائذن في ضربهنَّ. فأطاف بآل محمد نساء كثيرٌ كلهن يشكون أزواجهن، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ سَبْعُونَ امْرَأةً كُلُّهُنَّ يَشْتَكِينَ أَزْوَاجَهُنَّ وَلَا تَجِدُونَ أُولئِكَ خِيَارَكُمْ". وهذا الحديث أخرجه البغوي بهذا اللفظ. وقال: إياس بن عبد الله بن أبي ذباب لا تعرف له صحبة. قاله محمد بن إسماعيل. قال شعيب: خالفه أبو حاتم وأبو زرعة فأثبتا صحبته، كما في الجرح والتعديل، ورجح قولهما الحافظ في تهذيب التهذيب. ا. هـ.

وحديثه هذا أخرجه الشافعي وابن ماجه، والدارمي، وأبو داود، وصححه ابن حبان، =


(١) سورة النساء: ٣٤.
(٢) سورة النساء: ١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>