للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما لم يكن اختلاف عصر وزمان، وقال المتأخرون يستفتي" (١).

وقال في "شرح الهداية" (٢) بعدما نقل الخلاف في قضاء المجتهد بخلاف رأيه، أن الفتوى على عدم النفاذ في الوجهين، يعني النسيان والعمد (٣)، ثم قال: "والوجه في هذا الزمان أن يفتى بقولهما؛ لأن التارك لمذهبه عمدًا لا يفعله إلا لهوى باطل لا لقصد جميل، وأما الناسي فلأن المقلد ما قلده إلّا ليحكم بمذهبه لا بمذهب غيره، هذا كله في القاضي المجتهد.

فأما المقلد فإنما ولاه ليحكم بمذهب أبي حنيفة مثلًا، فلا يملك المخالفة، فيكون معزولًا بالنسبة إلى ذلك الحكم" (٤).

وقال في القنية (٥) عن "المحيط" وغيره: "اختلاف الروايات في قاضٍ


= وذكرت عن الخطيب أنه رأى أنس بن مالك، ورددت قول من قال إنه ما رآه، وبيّنت ذلك بيانًا شافيًا، والحمد لله".
وانظر مقدمة "جامع مسانيد الإمام" لأبي المؤيد الخوارزمي، النوع الثالث في أنه روى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ١/ ٤ - ٣٨.
(١) انظر: "شرح أدب القاضي" للخصاف، تأليف عمر بن عبد العزيز بن مازه، ١/ ١٩٠ - ١٩٢.
(٢) هو الشرح المسمى بـ"فتح القدير" للعلامة المحقق الكمال بن الهمام (- ٨٦١ هـ) وهو الشرح المقصود من بين شروح "الهداية"، عند الإطلاق في هذا الكتاب، حتى إن المؤلف قد يعنيه بقوله: (قال في الشرح … ). وهو شرح جليل على "الهداية" - الكتاب المشهور في فروع الحنفية -، وصل فيه مؤلفه إلى كتاب الوكالة، ثم أكمله المولى شمس الدين أحمد المعروف بـ"قاضي زاده" (- ٩٨٨ هـ) وسماه "نتائج الأفكار في كشف الرموز والأسرار". (كشف الظنون ٢/ ٢٠٣٤).
(٣) قال في "فتح القدير" لابن الهمام ٧/ ٣٠٤ - ٣٠٦ (طبعة دار الفكر): "لو قضى في المجتهد فيه مخالفًا لرأيه ناسيًا لمذهبه نفذ عند أبي حنيفة رحمه الله، وإن كان عامدًا ففيه روايتان، ووجه النفاذ: أنه ليس بخطأ بيقين. وعندهما: لا ينفذ في الوجهين لأنَّه قضى بما هو خطأ عنده، وعليه الفتوى. قال الشارح: .. ذَكَر المصنف كصاحب المحيط، الفتوى على قولهما، وذكر في "الفتاوى الصغرى" أن الفتوى على قول أبي حنيفة، فقد اختلف الفتوى. والوجه في هذا الزمان .. " إلى آخر ما نقل المصنف هنا.
وقال الإمام السرخسي (- ٤٩٠ هـ) رحمه الله تعالى: "على أصل أبي حنيفة: إذا كان عند مجتهد أن من يخالفه في الرأي أعلم بطريق الاجتهاد، وأنَّه مقدم عليه في العلم فإنه يدع رأيه لرأي من عرف زيادة قوة في اجتهاده، كما أن العامي يدع رأيه لرأي المفتي المجتهد لعلمه بأنه متقدم عليه … وعلى قول أبي يوسف ومحمد: لا يدع المجتهد في زماننا رأيه لرأي من هو مقدم عليه في الاجتهاد من أهل عصره لوجود المساواة بينهما في الحال وفي معرفة طريق الاجتهاد". (أصول السرخسي ٢/ ١٠٨).
(٤) قارن بما ذكره ابن قطلوبغا في كتابه "موجبات الأحكام وواقعات الأيام" ص ١٩٤.
(٥) قال في "كشف الظنون" ٢/ ١٣٥٧: "قنية المنية" على مذهب أبي حنيفة، للشيخ الإمام أبي الرجاء نجم الدين مختار بن محمود الزاهدي الحنفي، انظر ترجمته ص ١٣٧، ت ٢.=

<<  <   >  >>