(٢) لا يُعد ذلك إقرارًا من المؤلف بعدم وجود المجتهد، بل إنه على فرض صحة كلام الذين قصدهم بقوله (قال من لا يدري مراد العلماء: قد فُقد المجتهد .. )، وسيشير - رحمه الله - إلى أنه لا يخلو الوجود عن نوع اجتهاد حقيقة .. (انظر ص ١٣٢). بل إن العلامة ابن عابدين جعل الشيخ قاسمًا نفسَه من أهل تلك الكتيبة! وذلك لما أورده في رسالته المسماة "رفع الاشتباه عن مسألة المياه" حيث يقول فيها المصنف: "لما منع علماؤنا - رضي الله تعالى عنهم - مَن كان له أهلية النظر مِن محض تقليدهم … تتبعت مآخذهم وحصلت منها - بحمد الله تعالى - على الكثير، ولم أقنع بتقليد ما في صحف كثير من المصنفين .. الخ"، وقال في رسالة أخرى: "وإني - ولله الحمد - لأقول كما قال الطحاوي لابن حربويه: لا يقلد إلا عصبي أو غبي". انظر "رسم المفتي" ١/ ٣٢. (٣) انظر ما مرّ عن قاضي خان ص ١٢٥، ١٢٦. ونقل صاحب "رسم المفتي" عن رسالة "رفع الغشاء في وقت العصر والعشاء" أنه لا يرجَّح قول صاحبيه أو أحدهما على قوله [أي أبي حنيفة] إلّا لموجب وهو إما ضعف دليل الإمام، وإما للضرورة والتعامل، كترجيح قولهما في المزارعة والمعاملة، وإما لأن خلافهما له بسبب اختلاف العصر والزمان، وأنَّه لو شاهد ما وقع في عصرهما لوافقهما كعدم القضاء بظاهر العدالة. (رسائل ابن عابدين ١/ ٢٧). (٤) قال العلامة ابن عابدين في "حاشيته" ١/ ٧١ (دار الفكر): "وفي شرح البيري: إن الفتوى على قول زفر في سبع عشرة مسألة حررتها في رسالة". قلت: هي رسالة "القول الأزهر فيما يفتى به بقول الإمام زفر" لإبراهيم بن حسين بن أحمد البيري المكي (١٠٩٩ هـ) كما في "هدية العارفين" ١/ ٣٤. ولابن عابدين منظومة فريدة من اثنين وعشرين بيتًا في المسائل التي يفتى بها بقول زفر، ذكَرها في "رد المحتار" في باب النفقة ٣/ ٦٠٨، ٦٠٩ (طبعة دار الفكر)، فانظرها هناك إن شئت.