للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والزعفران، وكل ماء وقعت فيه نجاسة لم يجز الوضوء به قليلًا كان أو كثيرًا لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بحفظ الماء من النجاسة فقال: "لا يبولَنَّ أحدُكم في الماء الدائم ولا يغتسلن فيه من الجنابة" فقال عليه السلام: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده"، وأما الماء الجاري إذا وقعت فيه نجاسة جاز الوضوء منه إذا لم ير لها [أثر] لأنها لا تستقر مع جريان الماء، والغدير العظيم* الذي لا يتحرك أحد طرفيه بتحريك طرف الآخر إذا وقعت فيه نجاسة في أحد

قوله: (والغدير العظيم)، ظاهر الرواية يعتبر فيه أكبر رأي المبتلى، قال الإمام الزاهدي: "وأصح حدّه ما لا يخلص بعضه إلى بعض لظن المبتلى واجتهاده، ولا يُناظَر المجتهِدُ فيه"، وهذا الأصح عند الكَرْخي (١) وصاحب "الغاية" (٢) و"الينابيع" وجماعة. وأخذ أبو سليمان (٣) بعشر في عشر، وقال العتّابي (٤) وصاحب الهداية: "الفتوى على هذا" (٥).


(١) هو عبيد الله بن الحسين بن دلآل، أبو الحسن الكَرْخي، انتهت إليه رآسة أصحاب أبي حنيفة بالعراق بعد أبي خازم والبَرْدَعي. كان واسع العلم والرواية، صنف المختصر والجامع الكبير والجامع الصغير أودعهم الفقه والحديث والآثار المخرجة بأسانيده. مولده سنة ٢٦٠، وتوفي ليلة النصف من شعبان سنة ٣٤٠ رحمه الله تعالى. (الجواهر المضية ٢/ ٤٩٣، ٤٩٤، رقم ٨٩٤، تاج التراجم ص ٢٠٠، ٢٠١، رقم ١٥٥، الفوائد البهية ص ١٨٣، ١٨٤، رقم ٢٣٠).
(٢) صاحب "الغاية" هو الشيخ الإمام أبو العباس أحمد بن إبراهيم السَّروجي الحنفي، قاضي القضاة بمصر، وضع شرحًا على "الهداية" في ستة مجلدات ضخمة سماه "الغاية" انتهى فيه إلى كتاب الأيمان، توفي بالقاهرة سنة ٧١٠ رحمه الله تعالى. (الجواهر المضية ١/ ١٢٣ - ١٢٩، رقم ٦٦، تاج التراجم ص ١٠٧، ١٠٨، رقم ٣١، الفوائد البهية ص ٣٢، رقم ١٠، كشف الظنون ٢/ ٢٠٣٣، هدية العارفين ١/ ١٠٤).
وللشيخ الإمام قوام الدين أمير كاتب العميد بن أمير عمر الفارابي الإتْقاني (- ٧٥٨ هـ) كتاب اسمه "غاية البيان ونادرة الأقران" وهو من شروح "الهداية" أيضا. (كشف الظنون ٢/ ٢٠٣٣، تاج التراجم ص ١٣٨ - ١٤٠، رقم ٧٥، الفوائد البهية ص ٨٧ - ٩٠، رقم ٩٠).
(٣) أبو سليمان هو موسى بن سليمان الجُوزْجاني، صاحب الإمام محمد بن الحسن، أخذ عنه الفقه وروى كتبه، كان من الورع في الدين وحفظ الفقه والحديث بالمنزلة الرفيعة. من تصانيفه: السير الصغير وكتاب الصلاة وكتاب الرهن. توفي بعد المئتين رحمه الله تعالى. (الجواهر المضية ٣/ ٥١٨، ٥١٩، رقم ١٧١٤، وانظر ١/ ٤٩٢، تاج التراجم ص ٢٩٨، ٢٩٩، رقم ٢٩٠، الفوائد البهية ص ٣٥٤، رقم ٤٧٥).
(٤) هو أحمد بن عمر زين الدين العَتّابي البخاري، الإمام العلامة الزاهد، أحد مَن سار ذكره. من تصانيفه: الزيادات والفتاوى (أو: جوامع الفقه) وشرح الجامع الصغير والكبير. توفي سنة ٥٨٦، رحمه الله تعالى. (الجواهر المضية ١/ ٢٩٨ - ٣٠٠، رقم ٢٢٢، تاج التراجم ص ١٠٣، رقم ٢٣، كشف الظنون ١/ ٥٦٧).
(٥) قال في "الهداية" ١/ ٢٤: "وبعضهم قدّروا بالمساحة … توسعة للأمر على الناس، وعليه الفتوى".

<<  <   >  >>