للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جانبيه جاز الوضوء من جانب الآخر* لأن الظاهر أن النجاسة لا تصل إليه، وموت ما ليس له نفس سائلة في الماء لا ينجسه كالبق والذّباب والبراغيث والزنابير والعقارب، وموت ما يعيش في الماء* لا يفسده كالسمك والضفدع والسرطان. والماء المستعمل لا يجوز استعماله في طهارة الأحداث، والمستعمل كل ماء أزيل به حدث أو استعمل في البدن على

قلت: لا يقوى له دليل؛ وقد قال الحاكم في "المختصر" (١): "قال أبو عصمة (٢): كان محمد بن الحسن يوقت في ذلك بعشر في عشر ثم رجع إلى قول أبي حنيفة وقال: لا أوقت فيه شيئًا"، فظاهر الرواية أولى، والله أعلم.

قال في "الهداية" (٣): "والمعتبر في العمق أن يكون بحال لا ينحسر بالاغتراف، وهو الصحيح".

وقوله في الكتاب: (جاز الوضوء من الجانب الآخر)، إشارة إلى أنه يتنجس موضع الوقوع، وعن أبي يوسف: لا يتنجس إلا بظهور النجاسة فيه كالماء الجاري، وقال الزاهدي: "واختلف الروايات والمشايخ في الوضوء من جانب الوقوع، والفتوى على الجواز من جميع الجوانب" (٤).

قوله: (وموت ما يعيش في الماء)، قال في "الهداية" (٥): "وفي غير الماء، قيل غير السمك يفسده لانعدام المعدِن، وقيل لا يفسده لعدم الدم، وهو الأصح".

قوله: (والماء المستعمل، [كلّ ما أزيل به حدث أو استعمل في بدن على


(١) الحاكم؛ هو محمد بن أحمد أبو الفضل المَرْوَزي، الشهير بالحاكم الشهيد، العالم الكبير شيخ الحنفية في زمانه. صنف الكثير وجمع فأحسن، من ذلك: "المختصر الكافي" جمع فيه كتب محمد بن الحسن المبسوطة وما في جوامعه المؤلفة، حاذفًا المكرر من المسائل، وهو كتاب معتمد في نقل المذهب. قتل شهيدًا وهو في صلاة الصبح سنة ٣٣٤ رحمه الله تعالى. (الجواهر المضية ٣/ ٣١٣ - ٣١٥، رقم ١٤٧٧، تاج التراجم ٢٧٢ - ٢٧٤، رقم ٢٥٤، الفوائد البهية ص ٣٠٥، ٣٠٦، رقم ٣٩٥، كشف الظنون ٢/ ١٣٧٨).
(٢) اسمه نوح بن أبي مريم يزيد بن جَعْوَنة المروزي، أبو عصمة الجامع، قيل لقّب بذلك لأنَّه كان جامعًا بين العلوم، أخذ الفقه على أبي حنيفة وابن أبي ليلي. توفي سنة ١٧٣ رحمه الله تعالى. (الجواهر المضية ٢/ ٧، ٨، رقم ٣٩٣، وانظر ٤/ ٦٧، ٦٨، تاج التراجم ص ١٤٦، رقم ٨١، الفوائد البهية ص ٣٦٣ - ٣٦٥ رقم ٤٩٠).
(٣) ١/ ٢٤.
(٤) قال ملّا علي القاري رحمه الله: "وبه أخذ مشايخ بخارى وبَلْخ، توسعة على الناس، إذا لم تكن النجاسة مرئية". (فتح باب العناية ١/ ٨٤).
(٥) ١/ ٢٤.

<<  <   >  >>