للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

.......

ابن عمر (١)، وأما اختياره للفتوى فبناء على ظنٍّ ضعيف وذلك أنه قال (٢): "الشفق الحمرة، وعليه الفتوى؛ لأن في جعله اسمًا للبياض لكونه أشفق، إثبات اللغة بالقياس وأنَّه لا يجوز (٣) "، فظن أن هذا هو حجّة الإمام، وليس كذلك، إنما حجته الحديث الصحيح مع تفسير الصحابة مع موافقة أصول النظر - على ما سنذكر إن شاء الله تعالى - فكان اختيارًا مخالفًا لما هو الأصح رواية ودراية.

أما الأول فلأن رواية: "الشفق البياض"، رواية "الأصل" (٤)، وهي ظاهر المذهب عنه، ورواية: "إنه الحمرة"، رواية أسد بن عمرو (٥)،


(١) قال البيهقي في السنن الكبرى ١/ ٥٤٨: "وروينا عن عمر وعلي وأبي هريرة أنهم قالوا: "الشفق الحمرة "، وقال (١/ ٥٤٨ رقم ١٧٤٣): "رواه عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر موقوفًا، وروي عن عتيق بن يعقوب عن مالك عن نافع مَرفوعًا، والصحيح موقوف".
قلت: فقول المصنِّف: (لم يرو البيهقي "الشفق الحمرة" إلا عن ابن عمر) الظاهر أنه قصد لم يروه صحيحًا إلا عن ابن عمر.
قال الحافظ الزيلعي في نصب الراية ١/ ٢٣٣: "وقال البيهقي في المعرفة: روي هذا الحديث عن عمر وعلي وابن عباس وعبادة بن الصامت وشدّاد بن أوس وأبي هريرة، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء".
(٢) أي أبو المفاخر السَّدِيدي.
(٣) قال جمهور الحنفية والشافعية: لا تثبت اللغة بالقياس ولا يكون حجّة فيها. (أصول الفقه الإسلامي، د. وهبة الزحيلي ١/ ٧١٣).
قال الإمام الشيرازي الشافعي في "اللُّمَع": (باب بيان الوجوه التي تؤخذ منها الأسماء واللغات؛ أعلم أن الأسماء واللغات تؤخذ من أربع جهات: من اللغة والعرف والشرع والقياس. . إلى أن قال: فصْل؛ وأما القياس فهو مثل تسمية اللواط زنا قياسًا على وطء النساء، وتسمية النبيذ خمرًا، قياسًا على عصير العنب، وقد اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال يجوز إثبات اللغات والأسماء بالقياس. . ومنهم من قال: لا يجوز ذلك، والأول أصح". (اللمع في أصول الفقه ص ٩ - ١١، وانظر فيه ص ٩٨).
(٤) قال المحقق ابن عابدين رحمه الله تعالى: "كثيرًا ما يقولون: ذكره محمد في الأصل، ويفسره الشراح بالمبسوط، فعلم أن الأصل مفردًا هو المبسوط اشتهر به من بين باقي كتب الأصول. قال: واعلم أن نسخ المبسوط المروي عن محمد متعددة، وأظهرها مبسوط أبي سليمان الجوزجاني، وشرح المبسوط جماعة من المتأخرين مثل: شيخ الإسلام بكر المعروف بخواهرزاده، ويسمى المبسوط الكبير، وشمس الأئمة الحَلْواني وغيرهما. (رسم المفتي ١/ ١٧، ١٩).
(٥) هو أسد بن عمرو بن عامر بن عبد الله القاضي البَجلي الكوفي، صاحب الإمام، وأحد الأعلام، سمع أبا حنيفة وتفقه عليه، قال الضيمري بإسناده إلى أبي نعَيْم: أول من كتب كُتُب أبي حنيفة أسد بن عمرو. ولي القضاء بواسط، وولي قضاء بغداد بعد أبي يوسف للرشيد، قال ابن قطلوبغا: "مات سنة ١٨٨، وترجمته مستوفاة في كتابي المسمى بالإيثار برجال معاني الآثار للطحاوي رحمه=

<<  <   >  >>