للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والغناء والنوح، ولا تجوز إجارة المشاع عند أبي حنيفة إلا من الشريك، وقال أبو يوسف ومحمد: إجارة المشاع جائزة *، ويجوز إجارة الظئر بأجرة معلومة ويجوز بطعامها وكسوتها، وليس للمستأجر أن يمنع زوجها من وطئها، فإن حبلت كان لهم أن يفسخوا الإجارة إذا خافوا على الصبي من لبنها وعليها أن تصلح طعام الصبي، وإن أرضعته في المدة بلبن شاة فلا أجرة لها، وكل صانع لعمله أثر في العين فله أن يحبسه كالقصار والصباغ حتى يستوفي الأجرة، ومن ليس لعمله أثر فليس له أن يحبس العين كالحمال والملاح، وإذا اشترط على الصانع أن يعمل بنفسه فليس له أن يستعمل غيره، فإن أطلق له العمل فله أن يستأجر من يعمله، وإذا اختلف الخياط وصاحب الثوب فقال صاحب الثوب أمرتك أن تعمل قباء وقال الخياط قميصًا، أو قال صاحب الثوب للصباغ أمرتك أن تصبغه أحمر فصبغته أصفر، فالقول قول صاحب الثوب مع يمينه فإن حلف فالخياط

وحساب الوصايا وغيرها بأجر جائز، كذا عن نُصَيْر بن يحيى (١) قال أبو الليث: "وبه نأخذ"، وقال صدر الشريعة (٢): "ولم يصح للعبادات كالأذان والإمامة وتعليم القرآن (٣)، ويُفتى اليوم بصحتها"، والله أعلم (٤).

قوله: (ولا تجوز إجارَة المُشاع عند أبي حنيفة إلا من الشريك، وقال أبو يوسف ومحمد: إجارة المُشاع جائزة)، قال الكرخي في "جامعه" (٥): "نص أبو حنيفة أنه إذا أخر بعض ملكه، أو أجر أحدُ الشريكين نصيبه من أجنبي فهو فاسد سواء فيما يقسم وما لا يقسم". قلت: [و] صحّح في "الحقائق" أنه فاسد، وحكى عن بعض أنه باطل، وهو في نظم الخلاف (٦). وقال القاضي (٧): "إجارة المُشاع فيما يقسم وما لا يقسم فاسد في قول أبي حنيفة،


(١) نُصير بن يحيى، وقيل: نصر، تفقه على أبي سليمان الجُوزجاني عن محمد، روى عنه أبو غياث البَلْخي. توفي سنة ٢٦٧ رحمه الله تعالى. (الجواهر المضية ٣/ ٥٤٦ رقم ١٧٤٥، الفوائد البهية ص ٣٦٣ رقم ٤٨٨).
(٢) انظر "النُّقاية" ٢/ ٤٣٤، ٤٣٦، (حكم الإجارة على العبادات).
(٣) في نسخة (د): "كالأذان والإقامة وتعليم القرآن أجرة".
(٤) وانظر - إن شئت - تعليلَ الكراهة عند المتقدمين والجواز عند المتأخرين في مسألة الاستئجار على العبادة في: "فتاوى قاضي خان" ٢/ ٣٢٥ وفيه كلام حسن عن الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل.
(٥) قال الإمام أبو الحسن الكرخي في مختصره: "من أراد مجاوزة ما في هذا الكتاب فلينظر في الجامع الصغير الذي ألّفناه، وإن أراد أكثر من ذلك فالكبير يستغرق ذلك كله"، ذكر قوله حاجي خليفة في "كشف الظنون" ١/ ٥٧٠.
(٦) في (جـ): "نظم الخلافيات"، وانظر ما مر ص ٢٥٠، ت ٥.
(٧) "فتاوى قاضي خان" ٢/ ٣٣١.

<<  <   >  >>