إذا أذن المولى لعبده في التجارة إذنًا عامًا جاز تصرفه في سائر التجارات يشتري ويبيع ويرهن ويسترهن، وإن أذن له في نوع منها دون غيره فهو مأذون في جميعها، وإن أذن له في شيء بعينه فليس بمأذون، وإقرار المأذون بالديون والغصوب جائز، وليس له أن يتزوج ولا يزوج مماليكه * ولا يكاتب ولا يعتق على مال ولا يهب بعوض ولا بغير عوض إلا أن يهدي اليسير من الطعام أو يضيف من يطعمه، وديونه متعلقة برقبته ويباع للغرماء إلا أن يفديه المولى ويقسم ثمنه بينهم بالحصص فإن فضل من ديونه شيء طولب به بعد الحرية وإن حجر عليه لم يصر محجورًا عليه حتى يظهر الحجر عليه بين أهل سوقه، فإن مات المولى أو جن أو لحق بدار الحرب مرتدًا صار المأذون محجورًا عليه، وإن أبق العبد صار محجورًا، وإذا حجر عليه فإقراره جائز فيما في يده من المال عند أبي حيفة،* وإذا لزمته ديون تحيط بماله ورقبته لم يملك المولى ما في يده، فإن أعتق عبيده لم يعتقوا عند أبي حنيفة، *وقال أبو يوسف ومحمد يملك ما في يده، وإذا باع من المولى شيئًا بمثل قيمته جاز، فإن باعه بنقصان لم يجز، وإن باعه المولى شيئًا بمثل القيمة أو أقل جاز البيع، فإن سلمه إليه قبل قبض الثمن بطل الثمن، وإن أمسكه في يده حتى يستوفي الثمن
كتاب المأذون
قوله:(ولا يزوّج مماليكه)، هذا على إطلاقه قول أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف: له أن يزوج أمته، واختار قولهما المحبوبي والنسفي والمَوصلي وصدر الشريعة، ورجح دليلهما، والله أعلم.
قوله:(وإذا حُجر عليه فإقراره جائز فيما في يده من المال عند أبي حنيفة، وعندهما: لَا يصح)، واختار قوله من تقدم ذكرهم (١).
قوله:(وإن أعْتَقَ عبيدَهُ لم يعتقوا عند أبي حنيفة)، قال في "الينابيع": "يريد به لم يعتقوا في حَق الغرماء فلهم أن يبيعوهم ويستوفوا ديونهم من ثمنهم، أما في حق المولى فهم أحرارٌ بالإجماع"، واختار قولَه الأئمة المذكورون أولًا.
(١) أي في المسألة السابقة، وانظر "الهداية" ٤/ ٢٨٩.