للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلها النفقة والسكنى في عدتها رجعية كان أو بائنًا، ولا نفقة للمتوفى عنها زوجها، وكل

يقضى عليه بنفقة مثلها لا مثله".

وقال في "المحيط": "في ظاهر رواية "الأصل"، المعتبر في فرض النفقة حال الزوج في اليسار والإعسار"، قال في "الكافي": "وعليه الفتوى"، وقال في "الينابيع": "وهو الصحيح"، وقال في "التحفة" (١): "وأما مقدار النفقة فيعتبر فيه حال الرجل من اليسار والإعسار دون حال المرأة، وذكر الخصاف أنها تعتبر بحالهما جميعًا، والصحيح ما ذكر هنا"، وقال في "البحر المحيط": "وذكر الخصاف أنه يعتبر حالهما، وقيل المهر يعتبر بحالها، والنفقة بحال الزوج والمتعة بحالها، وهو الصحيح".

قلت: فهذا هو الأظهر رواية -كما تقدم- ودراية، لقوله تعالى: {لِيُنْفِقْ (٢) ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} (٣) وقول صاحب "الهداية" (٤): "ونحن نقول بموجب النص أنه يخاطب بقدر وسعه، والباقي دين في ذمته" عدولٌ عن الظاهر بلا موجب مع منافاة قوله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} وقد قال في "شرح التأويلات" (٥) في قوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا} (٦): "لا يكلِّف الزوج بالإنفاق عليها والكسوة لها إلَّا ما يحتمله ملكه، وإن كانت حاجتها تفضل على ما يحتمله ملكه، وإن النفقة إنما تفرض بقدر طاقة الزوج وهو كقوله [تعالى]: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} (٧)،


(١) "تحفة الفقهاء" ٢/ ١٥٩، ١٦٠، وانظر "البدائع" ٤/ ٢٤.
(٢) في الأصل وسائر النسخ: "ولينفق" بإثبات الواو، ولم أجد لها وجهًا في القراءات المتواترة والشاذة، فهو خطأ النساخ.
(٣) سورة الطلاق، الآية رقم ٧.
(٤) "الهداية" ٢/ ٣٢٨.
(٥) لم يتبين لي المقصود من "شرح التأويلات"، وقد جاء ذكره أيضًا في كتاب "الكافي" للسغناقي ١/ ٣٠٣، وقال محققه -فخر الدين قانت-: لم أقف عليه.
(٦) سورة البقرة، الآية رقم ٢٣٣.
(٧) سورة الطلاق، الآية رقم ٧، ورسمت الآية في النسخ المخطوطة (أ ب جـ) هكذا: "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، سيجعل الله بعد عسر يسرًا" وليست كذلك فالآية إلى قوله: "إلا وسعها" من سورة البقرة، الآية ٢٨٦، وما بعده من سورة الطلاق، والمقصود الاستدلال بالجزء الأول، فأثبتّ ما في سورة الطلاق، ولم أعتبر أن الاستدلال من موضعين، ثم وجدت الآية في نسخة (د) صحيحة كما أثبتها.

<<  <   >  >>