للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا قصاص، فإن كانت قائمة وذهب ضَوْؤُها فعليه القصاص، وتحمى له المرآة ويجعل على وجهه قطن رطب ويقابل عينه بالمرآة حتى يذهب ضوؤها، وفي السِّن القصاص، وفي كل شجة يمكن فيها المماثلة القصاص، ولا قصاص في عظم إلا في السن. وليس فيما دون النفس شبه العمد إنما هو عمد أو خطأ، ولا قصاص بين الرجل والمرأة فيما دون النفس، ولا بين الحر والعبد وبين العبدين، ويجب القصاص في الأطراف بين المسلم والكافر، ومن قطع يد رجل من نصف الساعد أو جرحه جائفة فبرئ منها فلا قصاص عليه، وإذا كانت يد المقطوع صحيحة ويد القاطع شلاء أو ناقصة الأصابع فالمقطوع بالخيار إن شاء قطع المعيبة ولا شيء له غيرها وإن شاء أخذ الأرش كاملًا، ومن شج رجلًا فاستوعبت الشخة ما بين قرني الشاج فالمشجوج بالخيار إن شاء اقتص بمقدار شجته يبتدئ من أي الجانبين شاء وإن شاء أخذ الأرش، ولا قصاص في اللسان ولا في الذكر إذا قطع إلا أن يقطع الحشفة"، وإذا اصطلح القاتل وأولياء المقتول على مال سقط القصاص ووجب المال قليلًا كان أو كثيرًا، فإن عفا أحد الشركاء من الدم أو صالح من نصيبه على عوض سقط حق الباقين من القصاص وكان لهم نصيبهم من الدية *.

المولى لا غير فقد ذكر في "الجامع الصغير" (١) أن للمولى القصاص عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وعند محمد: لا قصاص له، وهو قول زفر ورواية عن أبي يوسف، والصحيح قول أبي حنيفة".

قوله: (ولا قصاص في اللسان ولا في الذكر إذا قطع، إلا أن تقطع الحشفة)، قال الإمام جمال الإسلام في شرحه: "وعن أبي يوسف أن قطع اللسان والذكر من أصله يوجب القصاص، والصحيح ظاهر الرواية".

قوله: (فإن عفا أحد الشركاء في الدم أو صالح من نصيبه على عوض)، وجب حالًا إلا أن يؤجله و (سقط حق الباقين من القصاص، وكان لهم نصيبهم من الدية)، في مال القاتل في ثلاث سنين لا على العاقلة، ووقع في "المختار" (٢) و"مجمع البحرين" (٣): "فتجب بقيتها على العاقلة"، وهذا ليس من مذهب علمائنا ولا أعلمه قولًا لأحد، قال الإمام محمد بن الحسن في كتاب "الآثار"، باب من قتل فعفا بعض الأولياء: "محمد قال أخبرنا أبو حنيفة


(١) ص ٥٠٦، ٥٠٧.
(٢) انظر الاختيار لتعليل المختار ٥/ ٢٤.
(٣) كتاب "مجمع البحرين وملتقى النهرين"، للإمام مظفر الدين أحمد بن علي بن ثعلب المعروف بابن الساعاتي البغدادي الحنفي، المتوفي سنة ٦٩٤، جمع فيه مسائل القدوري والمنظومة مع زيادات.
(كشف الظنون ٢/ ١٥٩٩، ١٦٠٠).

<<  <   >  >>