للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مما يملكه لم يصر محرمًا عليه، وعليه إن استباحه كفارة يمين، فإن قال كل حلال علي حرام فهو على الطعام والشراب إلا أن ينوي غير ذلك *، ومن نذر نذرًا مطلقًا فعليه الوفاء به، وإن علق نذره بشرط فوجد الشرط فعليه الوفاء بنفس النذر، وروي أن أبا حنيفة رجع عن ذلك وقال: إذا قال إن فعلت كذا فلله علي حجة أو صوم سنة أو صدقة ما أملكه أجزأه من ذلك كفارة يمين، وهو قول محمد * وزفر، ومن حلف لا يدخل بيتًا فدخل الكعبة أو المسجد أو البيعة أو الكنيسة لم يحنث، ومن حلف لا يتكلم فقرأ في الصلاة لم يحنث، ومن حلف لا يلبس ثوبًا وهو لابسه فنزعه في الحال لم يحنث، وكذلك إذا حلف لا يركب هذه الدابة وهو راكبها فنزل وإن لبث ساعة حنث، وإن حلف لا يدخل هذه الدار وهو فيها لم يحنث بالقعود حتى يخرج ثم يدخل، ومن حلف لا يدخل دارًا

قوله: (ولو قال: "كل حلال عليّ حرام"، فهو على الطعام والشراب، إلا أن ينوي غير ذلك)، قال في "الهداية" (١) و"شرح الزاهدي": "ومشايخنا (٢) قالوا: يقع به الطلاق من غير نية لغلبة الاستعمال، وعليه الفتوى"، قال في "الينابيع": "وعن أبي القاسم: إن قال: حلال الله عليّ حرام، وله أربع نسوة يقع على كل واحدة منهنّ طلقة، وإن لم يكن له امرأة كانت يمينًا، وتجب عليه كفارة يمين، وكان أبو بكر بن أبي سعيد وأبو جعفر يقولان: يقع به الطلاق نوى أو لم ينوِ، وقال الفقيه [أبو الليث] (٣): وبه نأخذ، لأن العادة في زماننا أنهم يريدون به الطلاق"، [وقد تقدم شيء من هذا في الإيلاء (٤)] (٥).

قوله: (أجزأه من ذلك كفارةُ يمين، وهو قول محمد)، قال في "الهداية" (٦): "ويخرج عن العهدة بالوفاء بما سمى أيضًا، وهذا إذا كان شرطًا لا يريد كونه، لأن فيه معنى اليمين وهو المنع، وهو بظاهره نذر فيتخير ويميل إلى أي الجهتين شاء، بخلاف ما إذا كان شرطًا يريد كونه، كقوله: إن شفى الله مريضي، لانعدام معنى اليمين فيه، وهذا التفصيل هو الصحيح"، وقال الزاهدي: "وهذا التفصيل أصح".


(١) ٢/ ٣٦٣.
(٢) في نسخة (د) تعليق على هذه الكلمة (مشايخنا) وهو: "كأبي بكر بن أبي سعيد والفقيه أبي جعفر وأبي الليث".
(٣) زيادة من نسخة (د).
(٤) انظر ما مر ص ٣٤٩ وما بعدها.
(٥) زيادة من نسخة (ب).
(٦) ٢/ ٣٦٣.

<<  <   >  >>