للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المنصور أن يذهب إليه فجاء إلى الإمام، وقص عليه الكلام، فقال: جاء أوان توبتك، وإن وفيت بما عاهدت فأنت تائب، وإلا فأخذت بالأول والآخر، فجد في توبته، وتأهب وسلم نفسه للقتل، ودخل على المنصور وقال: لا أسير إلى هذا الوجه إن كان [لله تعالى] (١) لك طاعة في سلطانك فيما فعلت فلي منه أوفر الحظ‍ وإن كان معصية فحسبي، فغضب المنصور، فقال حميد أخوه: إنا انكرنا عقله منذ سنة وكأنه خولط‍ عليه أنا أسير وأنا أحق بالفضل منه، فسار، فقال المنصور لبعض تقاته من يدخل عليه من هؤلاء الفقهاء؟ قالوا: إنه يتردد إلى الإمام، فدعا الإمام بعلة شيء فسقاه السم، ثم سقى الحسن أيضا بعد أيام، فأما الحسن فعالج نفسه فبرأ، فمات الإمام شهيدا في سنة خمسين ومئة، وكان ابن سبعين سنة، ولم يكن له من الأولاد سوى حماد.

وذكر (٢) العسكري عن عبد الله بن مطيع عن أبيه قال: رأيت جنازة في أيام المنصور في طاقات باب خراسان خلفها رجل يحملها أربعة أنفس، قلت: جنازة من هذا؟ قالوا: جنازة فقيه كوفي يدعى أبا حنيفة مات في السجن، فلما خرج من باب خراسان كأنه نودي في الناس، فازدحموا عليه، فعبر به إلى الجانب الآخر، فصلينا عليه بباب الحسن، فلم نقدر على دفنه إلا بعد العصر من الزحام، فجاء المنصور فصلى على قبره، ومكث الناس يصلون على قبره إلى عشرين يوما، فقلت: كيف اختار هذا الجانب؟ قال: لأن ذلك الجانب غصب، وهذه الأرض كانت أطيب منه، فلما بلغ المنصور وصيته، قال: من يعذرني منه حيا وميتا؟. وقيل:

حزر من صلي عليه فكان مقدار خمسين ألفا، وقد قيل فيه (٣):

عزّ الشريعة إذ مضى كشافها … وظهيرها النعمان نحو جنانه

عمر التقي والشرع أكثر عصره … بالأصغرين لسانه وجنانه


(١) ساقط‍ في الأصل، وهو زيادة من: الكردري، المناقب:٢/ ٢٣.
(٢) ينظر: الكردري، المناقب:٢/ ٢٣.
(٣) الأبيات في: الكردري، المناقب:٣٢،٢/ ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>