للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجىء التصغير فيهما، كما جاء التصغير فى هذه الكلمة، مجيئا مستفيضا فى الشّعر وفى سعة الكلام، كقوله (١):

يا ما أميلح غزلانا شدنّ لنا ... من هاؤليّائكنّ الضّال والسّمر

وإذا كان التصغير قد اتّسع فى هذه اللفظة، مع ما لزمها من الجمود، /والتصغير من خواصّ الاسم، فليس إلاّ الحكم بأنها اسم، إذ كان قولهم:

يا ما أميلح غزلانا، مع امتناعهم أن يقولوا: ليس وعسيّ، دليلا نافيا عنه الفعليّة، وقاطعا له بالاسميّة.

الجواب من البصريّين: أن التصغير يدخل الأسماء للتحقير، في نحو: رجيل ومريئة، وللتقليل، وذلك فى الجموع نحو: دريهمات وأجيمال، وللتقريب، وذلك في الظّروف من نحو: قبيل المغرب، وبعيد الظهر، ودوين الوادى، ومن نحو قوله (٢):

بضاف فويق الأرض ليس بأعزل

ويدخل للحنوّ والتعطّف، كقول النبيّ صلّى الله عليه وسلم: «أصيحابى أصيحابى» (٣) ومنه قول أبى زبيد الطائىّ:


(١) نسب للعرجى، وهو من مقطوعة فى ديوانه ص ١٨٣، ونسب لذى الرمة وللمجنون ولغيرهما. والكلام على ذلك فى الخزانة ١/ ٩٧،٩٨، وشرح أبيات المغنى ٨/ ٧٢، وانظر مع المراجع المذكورة فى التعليق السابق: شرح الجمل ١/ ١١٣،٥٨٣.
(٢) امرؤ القيس. وصدر البيت: وأنت إذا استدبرته سدّ فرجه وهو من معلقته، وسيعيد ابن الشجرى إنشاده فى المجلس الثانى والثمانين.
(٣) بهذا اللفظ فى صحيح مسلم (باب إثبات حوض نبيّنا صلّى الله عليه وسلم وصفاته. من كتاب الفضائل) ص ١٨٠٠، وهو من حديث أنس بن مالك رضى الله عنه: أن النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال: «ليردنّ علىّ الحوض رجال ممّن صاحبنى، حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلىّ، اختلجوا دونى، فلأقولنّ: أى ربّ! أصيحابى أصيحابى، فليقالنّ لى: إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك» وقوله «اختلجوا» أى اجتذبوا واقتطعوا. والحديث فى مسند أحمد ١/ ٤٥٣، من حديث عبد الله بن مسعود، رضى الله عنه. وأيضا ٥/ ٥٠، من حديث أبى بكرة نفيع ابن الحارث، رضى الله عنه. وانظره من طرق أخرى، وبصيغة التكبير «أصحابى أصحابى» فى جامع الأصول ٢/ ٤٣٦،١٠/ ١٠١،٤٦٨، وحواشيه.