للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقوم فى الذكر مقام مصدره، بشهادة أنه دلّ بلفظه عليه، فأضمر فى قوله تعالى:

{وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ} (١) ألا ترى أن «هو» ضمير البخل، وحسن عود الضمير إلى البخل، وإن لم يك مذكورا؛ لدلالة «يبخلون» عليه، وهذا كقوله: «من كذب كان شرّا له» (٢)، أى كان الكذب، ومثله قول الشاعر:

إذا نهى السّفيه جرى إليه ... وخالف والسّفيه إلى خلاف (٣)

يريد: جرى إلى السّفه، ونظائره في التنزيل كثيرة، كقوله تعالى: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} (٤) وقوله: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ} (٥) أى يرض الشكر، ولكان الإيمان.

فكما أن الضمير يعود إلى المصدر، وإن لم يجر ذكره، استغناء بذكر فعله، كذلك يتوجّه التصغير اللاحق لفظ الفعل إلى مصدره الذى ليس بمذكور، ونظير ذلك إضافتهم أسماء الزمان إلى الفعل. فى نحو: {هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} (٦) ونحو:

على حين عاتبت المشيب على الصّبى (٧)

على أن الإضافة إلى الفعل مستحيلة؛ لأن الغرض بالإضافة أن تخصّص المضاف فى نحو قولك: راكب حمار، أو تعرّفه، كقولك: صاحب زيد، وقد


(١) سورة آل عمران ١٨٠. وراجع ما تقدّم فى المجلس الثامن والثلاثين.
(٢) تقدّم فى المجلس الثامن.
(٣) فرغت منه فى المجلس العاشر.
(٤) الآية السابعة من سورة الزمر.
(٥) سورة آل عمران ١١٠.
(٦) سورة المائدة ١١٩.
(٧) سبق فى المجلس السابع.