للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منك بياضا، وهو أظهر القوم حولا، وكذلك لم يقولوا: هو أحسن منك حسنا، فيؤكّدوه بالمصدر؛ لأنهم لم يقولوا: ما أحسن هندا حسنا، وأجمع/النحويّون أن «جلالة» من قول الشاعر:

أجلّ جلالة وأعزّ فقدا ... وأقضى للحقوق وهم قعود (١)

انتصابها على التمييز، وكذلك «لجاجا» فى قول الآخر (٢):

ألجّ لجاجا من الخنفساء ... وأزهى إذا ما مشى من غراب

وإنما ساغ دخول التصغير فى هذه الألفاظ، وإن كانت موضوعة للتفضيل، والتصغير نقيض التفضيل؛ لأنهم يخصّون بذلك ما صغر ولطف، كغزال وتولب وفصيل وعجّول ومهر وصبىّ، كما خصّوا هذا القبيل بويس (٣)، تقول: ما أحيسن هذا الطّفل، وما أميلح هذا الخشف، كما قال أبو الطيّب، وقد استحسن عين باز:

ألا ما أحيسنها مقلة ... ولولا الملاحة لم أعجب (٤)

فهذا [هو] (٥) الذى جوّز دخول التصغير فى هذين البابين.

والقول الثانى لأصحابنا: أن التصغير حسن لحاقه لفعل التعجّب، من حيث ألزم التعجّب طريقة واحدة، فأشبه فعله بذلك الأسماء، فدخله بعض


(١) البيت ثانى ثلاثة أبيات مجهولة القائل، أنشدها القالى فى أماليه ١/ ٢٣، وأبو تمام فى حماسته ص ١٦٠٠ - بشرح المرزوقى-وأبو بكر الأصفهانى فى الزّهرة ٢/ ١١٥.
(٢) هو خلف الأحمر، يهجو أحدهم. الحيوان ٣/ ٥٠٠،٦/ ٤٦٩، والدرّة الفاخرة ١/ ٢١٤، وحواشيهما.
(٣) ويس: كلمة تستعمل فى موضع رأفة واستملاح، كقولك للصبىّ: ويسه، ما أملحه! وفى الحديث: أنه صلّى الله عليه وسلم قال لعمّار: «ويس ابن سميّة» قال ابن الأثير: ويس: كلمة تقال لمن يرحم ويرفق به. النهاية ٥/ ٢٣٥، واللسان.
(٤) ديوانه ١/ ١٤٧.
(٥) زيادة من د.