للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحكامها، وحمل الشىء على الشىء فى بعض الأحكام لا يوجب خروجه عن أصله، ألا ترى أن اسم الفاعل محمول على الفعل فى العمل، ولم يخرجه ذلك عن كونه اسما، وكذلك الفعل المضارع أعرب لمضارعته الأسماء، ولم يخرجه إعرابه عن كونه فعلا، وكذلك تصغيرهم فعل التعجّب تشبيها بالاسم، لا يجتذبه إلى الاسمية.

جواب الكوفيّين: قالوا: إذا كنتم تزعمون أن أفعل فى التعجّب لمّا لزم طريقة واحدة فضارع بذلك الاسم، لحقه التصغير، ألزمناكم أن تصغّروا ليس وعسى، لأنهما لزما لفظ المضيّ، فلم يأت لهما مضارع ولا اسم فاعل، ولا اسم مفعول، /وإذا كانوا قد امتنعوا أن يقولوا: ليس وعسيّ، مع قولهم: يا ما أميلح غزلانا، كان قولكم إنّ تصغيره للزومه وجها واحدا مردودا عليكم، وإلاّ فما الفرق بينه وبين ليس وعسى، وحكمه فيما ذكرناه كحكمهما؟

فإن أخلدتم إلى القول الآخر، فقلتم: إنه انضمّ إلى جموده حمله على نظيره، الذى هو أفعل القوم، فجاز فيه التصغير، وليس وعسى، لا نظير لهما من الأسماء يحملان عليه، كما حمل ما أحيسنهم، على قولهم: هو أحيسنهم، فأنتم من مذهبكم أنّ «نعم وبئس» فعلان غير متصرّفين، ومعلوم أنهما للمبالغة فى المدح والذمّ، كما أن التعجّب موضوع للمبالغة فى هذين، فنعم الرجل زيد فى باب المدح مثل ما أكرم زيدا، وبئس الغلام بكر فى باب الذم مثل ما ألأم بكرا، فقد جريا مجراه من وجهين: عدم التصرّف، وأنهما غاية فى المدح والذم، فهلاّ صغّرا كما صغّر.

وأوكد من هذا أنّ مثال أفعل به، كقولك: أكرم به، كلام وضع للتعجّب، فنزّل منزلة ما أفعله فى المعنى، فساغ فيه ما ساغ فى ما أفعله، وامتنع منه ما امتنع منه، وقد وقع الإجماع على أن أفعل فعل مسلوب التصرّف، وهو مضارع لباب أفعل منك، فهلاّ صغّر، كما صغّر أفعل، فى ما أفعله، وهل منع من تصغيره إلاّ كونه فعلا، وهل سوّغ تصغير المثال الآخر إلاّ كونه اسما؟

فإن قلتم: إن لفظ أفعل به، لفظ الأمر، فهو مواز له فى زنته وسكون