للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آخره، والأمر مخصوص به الفعل، فروعى لفظه، فلم يسغ فيه التصغير، كما ساغ فى أفعل.

فليس ما قلتموه بمقبول، وذلك أنه قد جاء الأمر بالاسم، من نحو: صه وإيه، و {هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ} (١) ودونك زيدا، و:

تراكها من إبل تراكها (٢)

وقد جاء فى هذا القبيل ما أريد به الأمر وهو مصغّر، وذلك رويد زيدا: أى أمهله.

وإذا ثبت هذا، ووجدنا التصغير لحق أفعل، دون أفعل، فليس ذلك إلاّ لأنّ/أفعل اسم، ويؤيّد ما ذهبنا إليه تصحيح عينه فى نحو: ما أقومه، وما أبيعه، كما صحّت العين فى الاسم، من نحو: هو أقوم منك، وأنت أبيع منه، فلو أنه فعل كما زعمتم، أعلّت عينه بقلبها ألفا، كما قلبت فى الفعل، من نحو قام وباع، وأقام وأباع، فى قولهم: أباع الشىء، إذا عرّضه للبيع، وإذا كان قد أجرى مجرى الأسماء فى التصحيح، مع ما دخله من الجمود والتصغير، وجب القطع بأنه اسم.

الجواب: أجاب البصريّون عن هذه الإلزامات، وعقّبوا ذلك احتجاجا، فقالوا: أمّا اعتراضكم بليس وعسى، فقد كفيتمونا مئونة الجواب عنه، وسقطت الكلفة فى ذلك؛ بأنهما لا نظير لهما فى الأسماء يحملان عليه، كما حمل ما أفعله على أفعل الذى للمفاضلة، غير أننا لا نقنع بهذا الجواب، بل نطرح حمل أفعل التعجّبيّ على نظيره جانبا.

فنقول: إنّ ليس وعسى، وإن كانا قد شركا فعل التعجّب فى الجمود، فإنهما قد بايناه بشيئين بعداهما من الاسم:


(١) سورة الأنعام ١٥٠.
(٢) فرغت منه فى المجلس السابع والخمسين.