للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: أنهما يرفعان الظاهر والمضمر، كما ترفعهما الأفعال على تصاريفها، وأفعل فى التعجّب مخالف بابه، بأنه مقصور على رفع الضمير دون الظاهر، فقرب بهذه المخالفة من الاسم الجامد.

والثانى: أنّ ليس وعسى وصلا بضمائر المتكلّمين والمخاطبين والغائبين، من نحو لست ولست وليسوا، وعسيت وعسيت وعسوا، وألزم هذا الفعل ضمير الغيبة، فلم يتعدّه، فلما تصرّفا فى الاتصال بضمائر الأفعال الماضية هذا التصرّف، ولم يختصّا برفع المضمر دون الظاهر، وألزم فى الإضمار وجها واحدا، وهو رفع ضمير الغيبة خاصّة، كان جديرا (١) أن يجرى عليه حكم من أحكام الأسماء دونهما، فلذلك لحقه التصغير، وعلى أنه لما صغّر لفظا توجّه التصغير فى المعنى إلى مصدر من لفظه/فقام تصغيره مقام تصغير مصدره، وليس وعسى لا مصدر لهما يلفظ به فيتنزّل اللفظ بهما منزلة اللفظ به.

وأمّا إلزامكم إيّانا تصغير نعم وبئس، بأنهما عندنا فعلان غير متصرّفين، وهما غاية فى المدح والذم، فكانا فى ذلك بمنزلة التعجّب، فهذا الإلزام مخاتلة منكم، ونحن نلزمكم أن تصغّروا نعم وبئس؛ لأنهما عندكم اسمان، كأفعل فى التعجّب، فهلاّ دخلهما التصغير كما دخله!

فإن قلتم: إنّ ذلك لم يسمع فيهما عن العرب.

قلنا كما قلتم، ثم فرّقنا بينهما وبين أفعل التعجّبيّ بأنهما، وإن كانا جامدين، أشبه منه بالأفعال المتصرّفة، من حيث اتّصل بهما الضمير على حدّ اتّصاله بالفعل المتصرّف، فيما رواه الكسائىّ، من قولهم: نعما رجلين، ونعموا رجالا، ورفعا مع ذلك الظاهر فى نحو: نعم الرجل، وبئس الغلام، والمضمر فى نحو: نعم رجلا زيد، وبئس غلاما أخوك، ثم إنهما اتصلا بتاء التأنيث الساكنة،


(١) فى د: حليقا.