للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى نحو: نعمت المرأة، وبئست الخصلة، كما تقول: قامت المرأة، وقبحت الخصلة، وهذا حكم لازم للأفعال الماضية، فلما قربا هذا القرب من الفعل المتصرّف بعدا من الاسم.

وأمّا ما ألزمتموناه من تصغير أفعل به، فليس بواجب، وذلك أن أفعل جاء على مثال الأسماء، من نحو أفكل وأجدل، وعلى مثال نظيره من الصّفات، كأكرم منك وأحسن، فلما اجتمع فيه إلى الجمود مجيئه على بناء الاسم، حسن تصغيره، وأمّا أفعل، فإنه لم يأت له مثال فى الأسماء إلاّ أصبع، لغة مرذولة فى الإصبع، وهى تلى فى الرّداءة إصبعا، بكسر الهمزة وضم الباء، وأشهر اللّغات فيها: إصبع، بكسر الهمزة وفتح الباء، ثم أصبع، بضم الهمزة وفتح الباء، ثم أصبع بضمّهما، ثم إصبع، بكسرهما، ثم أصبع بفتحهما، ثم أصبوع، بضمّ الهمزة، مثل أسلوب.

وإذا لم يأت/له مثال فى الأسماء إلاّ هذا الحرف الشاذّ باعده ذلك من الاسم جدّا، فلم يسغ فيه التصغير.

ألا ترى أن وزن الفعل الذى يغلب عليه أو يخصّه، أحد الأسباب المانعة للصّرف، فإذا كان الاسم يقرب من الفعل بمجيئه على بعض أبنيته حتى يكون ذلك علّة تمنعه التنوين والجرّ، فكذلك (١) الفعل يبعد من الاسم لمخالفته له فى البناء، هذا مع أن لفظه لفظ الأمر.

وقولكم: إنّ الأمر غير مخصوص به الفعل، ليس بشىء، ولا اعتبار بما جاء من الأسماء مضمّنا معنى الأمر، من نحو هلمّ، ورويد، ونزال؛ لأنّها أسماء نابت مناب الأفعال، والغرض فى تسمية الأفعال بها الاختصار، لأنك تقول للواحد والواحدة فما فوق ذلك: رويد، وصه، ولا تتكلّف إبراز ضمير لمّا جاوزت إليه الواحد المذكّر، فى قولك: أمهلا واسكتا، وأمهلوا واسكتوا، وأمهلن واسكتن.


(١) فى الأصل «وكذلك» بالواو، وصوابه بالفاء من د.