للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأبغضه شناءة، وإنّى لأشنؤه بغضا، ودعه تركا رفيقا، و {أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً} (١) وتبسّم وميض البرق، ومنه {وَالْعادِياتِ ضَبْحاً} (٢) على قول الخليل، قال: يقال فرس ضابح وضابع، إذا كان كثير الجرى، ومنه أيضا:

يعجبه السّخون والبرود ... والتّمر حبّا ما له مزيد (٣)

وقد جاء ما هو أشدّ من هذا، وهو إعمالهم ما ليس بواقع على الحدث عمل اسم الحدث، لاتفاقهما فى اللفظ، وإن كانا متباينين فى المعنى، وذلك استعمال العطاء موضع الإعطاء فى قوله:

/أكفرا بعد ردّ الموت عنّى ... وبعد عطائك المائة الرّتاعا (٤)

وقستم عليه أيّها الكوفيّون: عجبت من دهنك الشّعر، بضم الدال، فأجزتم ذلك فى سعة الكلام، فإذا كنتم قد حملتم الدّهن على الدّهن فى العمل، لاتفاق اللفظ مع اختلاف المعنى، فما الذى أنكرتم من حمل أملح فى التصغير على الملاحة، مع اتفاقهما لفظا ومعنى؟

وأمّا معارضتكم بقدنى، فهذه اللفظة من الشاذّ الذى لا معرّج عليه،


(١) آخر سورة الطارق.
(٢) أول السورة. وانظر معنى ضَبْحاً وإعرابها فى تفسير القرطبى ٢٠/ ١٥٥.
(٣) لرؤبة. ملحقات ديوانه ص ١٧٢، وشرح المفصل ١/ ١١٢، وتذكرة النحاة ص ٥٢١، وشرح الشواهد الكبرى ٣/ ٤٥، وشرح الأشمونى ٢/ ١١٣. والسّخون، بفتح السين، وهو ما يسخّن من المرق. والبرود بفتح الباء، وهو ما يبرّد منه.
(٤) للقطامى. ديوانه ص ٣٧، وانظر كتاب الشعر ص ٢٢٩،٢٣٧، وحواشيه، وحواشى طبقات فحول الشعراء ص ٥٣٧. هذا وقد ذكر ابن عقيل أنّ ابن المصنّف زعم أن «عطاء» مصدر، وأن همزته حذفت تخفيفا، قال ابن عقيل: وهو خلاف ما صرّح به غيره من النحويّين. شرح الألفية ٢/ ٩٩. ولم أجد هذا الرأى لابن المصنّف فى ذلك الموضع-وهو عمل المصدر واسم المصدر-فى شرحه على ألفيّة أبيه ص ١٦١، مع استشهاده ببيت القطامىّ على ما استشهد به النحاة.