للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثانى: أنهما غير متصرّفين، فقد فارقا وباينا، بعدم تصرفهما، الأفعال.

والثالث: أنهما لو كانا على أصلهما من الفعليّة لحسن اقتران الزّمان بهما، كسائر الأفعال، ولما لم يقولوا: نعم الرجل غدا، علم أن مذهب الفعليّة قد زايلهما.

هذا الاستدلال والذى قبله ذكرهما أبو بكر الأنبارىّ فى [كتابه الذى سمّاه] (١) (الواسط).

جواب البصريّين، يتلوه باقى حججهم: أمّا قولكم إنه لم يأت من الفعل ما ولى حرف النداء إلاّ أمر المواجه، فلا فرق بين الفعل الأمرىّ والخبرىّ فى استحالة وقوع كلّ واحد منهما بعد حرف النداء، إلاّ أن يفصل بينهما فى التقدير اسم، فيتوجّه النداء إليه، كما أنّ الفعل غير جائز أن يلى الفعل، إلاّ أن يحجز بينهما فاعل فى النّية، كقولك: زيد ليس يخرج، وعبد الله كان يزورك، فالفعلان متلاصقان لفظا ومنفصلان تقديرا، فليس ما ألزمتمونا من مجىء الخبر بعد حرف النداء بواجب، على أنه قد وليت الجملة الخبريّة حرف النداء، بتقدير حذف المنادى، من قوله:

يا لعنة الله والأقوام كلّهم ... والصالحين على سمعان من جار (٢)

أراد: يا هؤلاء، لعنة الله على سمعان، فهذا فى كونه جملة خبريّة بمنزلة:

نعم المولى.

ونقول بعد: قد اتّفقنا وإيّاكم على أن الجمل لا تنادى، وأجمعنا على أنّ قولنا: نعم الرجل، جملة، وإن اختلفنا فى نعم، فحكمنا بأنها فعل، وحكمتم بأنها


(١) زيادة من د.
(٢) فرغت منه فى المجلس التاسع والثلاثين.