للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عيطاء جمّاء العظام عطبول ... كأنّ في أنيابها القرنفول (١)

وكما أشبع الآخر الفتحة فنشأت عنها الألف، فى قوله:

وأنت من الغوائل حين ترمى ... ومن ذمّ الرجال بمنتزاح (٢)

أراد بمنتزح، أى بمكان نازح، فمنتزح مفتعل من النّزوح، ومثله لعنترة (٣):

ينباع من ذفرى غضوب جسرة

أراد ينبع، يعنى العرق، فأشبع فتحة الباء.

وأمّا احتجاجكم بعدم التصرّف فى هاتين اللفظتين، وأنّ العرب لم يقرنوا بهما الزمان، فيقولوا: نعم الرجل أمس، ولا نعم الرجل غدا.

فالجواب عن ذلك أنّ امتناعهما من الاقتران بأمس، لكم أن تتعلّقوا به؛ لأنهما عندنا فعلان ماضيان، وأمّا امتناعهما من الاقتران بغد، فغير مستنكر ذلك فى الأفعال الماضية، فما أبعد من الصواب استنكاركم أنّ العرب لم تقل: نعم الرجل غدا، حتى جعلتم ذلك حجّة لكم، وبجح (٤) به أبو بكر محمد بن القاسم، فضمّنه


(١) النبات لأبى حنيفة ص ٢١٥، والخصائص ٣/ ١٢٤، والمحتسب ١/ ٢٥٩، ورسالة الملائكة ص ٢١٩، والمخصص ١١/ ١٩٦، والإنصاف ص ٢٤،٧٤٩، وإيضاح شواهد الإيضاح ص ٣٨٣، وضرائر الشعر ص ٣٥. والعيطاء: الطويلة العنق. والعطبول: المرأة الفتيّة الجميلة العنق.
(٢) فرغت منه فى المجلس الثامن عشر.
(٣) من معلّقته. ديوانه ص ٢٠٤، وتمامه باختلاف فى القافية: زيّافة مثل الفنيق المقرم والذّفرى: العظم الذى خلف الأذن. والغضوب من صفة الناقة، ووصفها بذلك لنشاطها. وجسرة: طويلة عظيمة الجسم. وزيّافة: مسرعة السّير. والفنيق: الفحل. والمقرم: الفحل الذى أكرم فنحّى وخلّى عن الركوب، واتّخذ للفحلة فقط. وانظر الشاهد فى الخصائص ٣/ ١٢١، والمحتسب ١/ ٧٨،٢٥٨،٢٧٨، والإنصاف ص ٢٦، وإيضاح شواهد الإيضاح ص ٧٤٣، وضرائر الشعر ص ٣٤، والخزانة ١/ ١٢٢،٨/ ٣٧٣.
(٤) يقال: بجح بالشىء وبجح به: إذا فرح به وسرّ. جاء فى حديث أم زرع: «وبجّحنى فبجحت». وقال الراعى: وما الفقر من أرض العشيرة ساقا إليك ولكنا بقربك نبجح