للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومثله فى إضمار العامل في الظّرف، وإن لم يكن قولا، إضماره فى قوله عزّ وجلّ: {حَتّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (١) ثم قال: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ} قيل: التقدير: الآن آمنت، ومثله {أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} (٢) وقد قدّمت ذكر (٣) إضمار القول فى التنزيل، فى أكثر مواضعه.

ومن أغرب ما جاء من ذلك قوله فى سورة الواقعة، وقد ذكرته فيما سلف (٤)، وهو قوله: {لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} أى تندمون {إِنّا لَمُغْرَمُونَ} أى تقولون إذا رأيتم زرعكم حطاما لا حنطة فيه: إنا لمغرمون، فهذا من الغرم، أى لمثقلون دينا {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ}.

وقد قيل إن معنى {لَمُغْرَمُونَ} لمعذّبون عذابا لازما، من قوله: {إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً} (٥) والوجه ما ذكرته هاهنا، وإن كان ما قدّمته قول أهل العلم بالتفسير.

... قوله تعالى: {وَلَقَدْ مَكَّنّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنّاكُمْ فِيهِ} (٦) اختلف فى «إن» هذه، فزعم قطرب أنها بمعنى «قد» وزعم الأخفش أنها زائدة (٧)، وقوله أمثل من قول قطرب.


(١) سورة يونس ٩٠،٩١.
(٢) سورة يونس ٥١.
(٣) فى المجلس السادس والثلاثين، والمجلس الموفى السّتّين.
(٤) فى المجلس الموفى السّتين.
(٥) سورة الفرقان ٦٥.
(٦) سورة الأحقاف ٢٦.
(٧) الذى ذكره الأخفش فى معانى القرآن ص ١١١،١١٢، أنها بمعنى «ما» النافية. ذكر ذلك فى أثناء تفسير الآية (٧٤) من سورة البقرة، ولم يذكره فى آية الأحقاف. وانظر البرهان ٤/ ٢١٨، وسيعيد ابن الشجرى الكلام على «إن» هذه فى المجلس التاسع والسبعين.