للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

/وقال غيرهما (١): إنها نافية، مثلها فى قوله تعالى: {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا} (٢) وهذا القول أسدّ ما قيل فيها؛ لأن «ما» بمعنى الذى، والمعنى: ولقد مكنّاهم فى الذى ما مكنّاكم فيه، فهذا مطابق لقوله عز وجل: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ} (٣).

... قوله تعالى: {وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (٤) وقوله: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ} (٥) وقوله: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيّامَ اللهِ} (٦).

اختلف فى جزم {يَقُولُوا} و {يَغُضُّوا} و {يَغْفِرُوا} فذهب الأخفش (٧) إلى أنهنّ أجوبة {قُلْ} وذهب غيره (٨) إلى أنهنّ أجوبة أمر آخر مضمر، تقديره: قل لعبادى: قولوا التى هى أحسن يقولوا، وقل للمؤمنين: غضّوا من أبصاركم يغضّوا، وقل للذين آمنوا: اغفروا للذين لا يرجون أيام الله يغفروا، وهذا أوجه القولين، ومن ذلك قوله تعالى: {قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ} (٩).

والذى يوضّح إضمار أمر آخر، أن «قل» لا بدّ له من جملة تحكى به، فالجملة المحكيّة به هى التى ذكرناها، لأن (١٠) أمر الله لنبيّه بالقول ليس فيه بيان لهم بأن


(١) وهو قول الزجاج، فى إعراب القرآن ٤/ ٤٤٦، وانظر قسم الدراسة ص ٦٠ الفقرة (٥١).
(٢) سورة يونس ٦٨.
(٣) سورة الأنعام ٦.
(٤) سورة الإسراء ٥٣.
(٥) سورة النور ٣٠.
(٦) سورة الجاثية ١٤.
(٧) معانى القرآن ص ٣٩١.
(٨) هو أبو العباس المبرّد. المقتضب ٢/ ٨٤، وانظر الدراسة ص ٦١، الفقرة (٥٢).
(٩) سورة إبراهيم ٣١.
(١٠) هذا الاستدلال لمكّىّ فى مشكل إعراب القرآن ١/ ٤٥١، وانظر معانى القرآن للزجاج ٣/ ١٦٢.