للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فلا تبعد فقد لاقيت حرّا ... يحاذر أن يعاب فمتّ حرّا (١)

... ذكرت الرّواة (٢) أنه كان باليمامة رجل من بنى حنيفة (٣)، يقال له: جحدر مالك، وكان شجاعا فاتكا شاعرا، قد أبرّ (٤) على أهل حجر، وبرّح بهم، فبلغ ذلك الحجاج بن يوسف، فكتب إلى عامله على اليمامة بالتجرّد فى أمره، حتى يظفر به أو يعذر، فندب له فتية من بنى يربوع وبنى حنظلة، فراسلوه بأنهم يريدون التّحرّم (٥) به، فلما اطمأنّ إليهم وثبوا عليه، فشدّوه وثاقا، فقدموا به على عامل/ اليمامة، فبعث به إلى الحجّاج، فقال له: ما الذى حملك على ركوب ما ركبته من الفتك والتعرّض للقتل؟

فقال: جفوة السّلطان، وكلب الزمان، مع جرأة الجنان، فلو بلانى الأمير وجدنى من صالحى الأعوان.

فقال له: إنى قاذف بك مكبّلا فى حائر (٦) فيه أسد، فإن قتلك كفانا مئونتك، وإن قتلته خلّيت سبيلك، وأحسنت جائزتك.


(١) بعده فى المقامات فقط، وهو آخر القصيدة: فإن تك قد قتلت فليس عارا فقد لاقيت ذا طرفين حرّا وقوله: «ذا طرفين» أى أبوين كريمين.
(٢) انظر هذه القصّة فى الأخبار الموفقيات ص ١٧٠، ومعجم البلدان ٢/ ٢١٠ (حجر)، وشرح شواهد المغنى ص ٤٠٧ (مبحث ربّ). والخزانة ٧/ ٤٦٣.
(٣) وكذا فى شرح شواهد المغنى، وفى الموفقيات: «من ربيعة»، وفى معجم البلدان: «من بنى جشم بن بكر».
(٤) أى غلب. وانظر أمالى أبى على القالى ١/ ٢٨١،٢٨٢.
(٥) أى يدخلون فى حماه ويمتنعون بجواره. يقال: تحرّم منه بحرمة: تمنّع وتحمّى بذمّة. وجاء فى شرح شواهد المغنى «والتحرّز».
(٦) الحائر: مجتمع الماء، وحوض يسيّب إليه مسيل ماء الأمطار، والمكان المنخفض.