للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقال: قد أعطيت-أصلحك الله-المنية، وأعظمت المنّة، وقرّبت المحنة.

فألقى مقيّدا على أسد قد أجيع ثلاثة أيام، فتقدّم إليه وهو يرتجز:

ليث وليث فى مقام ضنك ... كلاهما ذو أنف ومحك (١)

إن يكشف الله قناع الشّكّ ... فهو أحقّ منزل بترك

فلمّا كان من الأسد على قيد رمح، أو أنفس (٢)، تمطّى الأسد وزأر زأرة وحمل، فحمل عليه جحدر بالسّيف، فضربه ففلق هامته، فخرّ كأنه أطم مقوّض، ولم يلبث جحدر لشدّة حملة الأسد عليه مع كونه مكبّلا أن وقع علي ظهره متضمّخا بالدّم، وعلت أصوات الجماعة بالتكبير.

وقال له الحجاج، لمّا رأى منه ما هاله: إن أحببت أن نلحقك ببلدك، بعد أن نحسن جائزتك فعلنا، وإن أحببت أن تقيم معنا أسنينا (٣) فريضتك.

فقال: بل أختار صحبة الأمير، ففرض له ولجماعة من أهل بيته.

المكبّل: المقيّد، والكبل: القيد.

والمحك: اللّجاج.

والأطم: الحصن، وقال ابن فارس فى «المقوّض»: قوّضت البناء، إذا نقضته من غير هدم (٤).


= وجاء فى الموفقيات «حير» وهو شبه الحظيرة، وفى سياق القصة هناك أن «جحدرا» أدخل مع الأسد فى هذا الحير، وسدّ باب الحير.
(١) تقدم تخريجه فى المجلس الثانى، وزد عليه مراجع القصة التى ذكرتها، ثم أشعار اللصوص وأخبارهم ص ٩٦.
(٢) أى أقرب، والنّفس، بالتحريك، يطلق على القرب، ومنه الحديث «بعثت فى نفس الساعة» أى بعثت وقد حان قيامها وقرب. النهاية ٥/ ٩٤.
(٣) أى رفعناها وزدناها.
(٤) المقاييس ٥/ ٤١.