للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لو وصل الغيث أبنين امرأ ... كانت له قبّة، سحق بجاد

/أى جعلن بناءه بعد القبّة خلق كساء، كأنه كان يستبدل بالقبّة سحق كساء، لإغارة الخيل عليه. انتهى كلامه.

وأقول: البجاد: كساء مخطّط. والسّحق: البالى.

ويقال: بنيت خباء، أى رفعته، وأبنيت زيدا خباء، تعدّى بالهمزة إلى مفعول ثان.

والضّمير فى «أبنين» ضمير خيل قد تقدّم ذكرها، أو هو إضمار لها قبل الذّكر؛ لأنّ عود الضمير إلى معلوم قد تقرّر فى النفس، وارتفع فيه اللبس، جائز كما جاء فى التنزيل: {ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ} (١) و {إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (٢) وكما أعاد حميد بن مالك الضمير إلى امرأته، ولم يجر لها ذكر، فى قوله (٣):

فقلت لها قومى إليه فيسّرى. طعاما. . . .

وقوله: «سحق بجاد» مفعول ثان لأبنين، أى جعلنه له بناء.


= إنّا ذممنا على ما خيّلت سعد بن زيد وعمرا من تميم ثالثا: تردّد بعض المحقّقين فى وزن البيت بين مجزوء الخفيف، ومجزوء البسيط، ولا وجه لهذا التردّد كما ترى. رابعا: يروى «أبنين» على أن الفاعل ضمير الخيل. و «أبنينا» على أنه الشاعر وقومه. ومال إلى هذا العلاّمة الميمنىّ، مع أن الرواية الأخرى هى الأشيع، وفسّر عليها ابن جنى، فقال: «فنسب ذلك البناء [الإبناء] إلى الخيل، لما كانت هى الحاملة للغزاة الذين أغاروا على الملوك». خامسا: قوله «سحق بجاد» من إضافة الصفة إلى الموصوف، وأصله: بجادا سحقا، أى كساء باليا، ومثله «سحق عمامة»، و «سحق البرد». وراجع الخزانة ٧/ ٢٠٩. والحمد لله فى الأولى والآخرة.
(١) سورة النحل ٦١.
(٢) أول سورة القدر.
(٣) الذى تقدّم قريبا.