للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال أبو عليّ فى الحجّة، فى قول الله سبحانه: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً} (١): لمّا كان البناء رفعا للمبنيّ قوبل بالفراش، الذى هو خلاف البناء، ومن ثمّ وقع البناء على ما فيه ارتفاع فى نصبته، وإن لم يكن مدرا، كقول الشاعر (٢):

-


(١) سورة البقرة ٢٢، وجاء فى النسختين من الأمالى: «هو الذى» بإقحام «هو» وليست فى التلاوة. وكذلك لم ترد فى استشهاد ابن سيده فى المخصص ٥/ ١٢٢، وحكى كلام أبى علىّ كلّه، من غير تصريح به، ومعروف أن ابن سيده كثير الإناخة على أبى علىّ.
(٢) هو أبو مارد الشّيبانى-جاهلى. والبيت ضمن ثمانية أبيات فى أمثال مؤرّج ص ١٠٤ - وقد دلّنى على هذا الموضع شيخى أبو فهر، حفظه الله، وهو موضع عزيز-وضمن ستة أبيات، وبدون نسبة فى الشعر والشعراء ص ١٠٢. وتراه أيضا فى البخلاء ص ٢١٤، والحيوان ٥/ ٤٦١، والمعانى الكبير ص ٨٩٤، وشرح المفضليات ص ٦١٤، وشرح القصائد السبع ص ١٢٥، والسّمط ص ٢٣، والخصائص ١/ ٣٨، والصاهل والشاحج ص ٥٤٠، والمخصص-الموضع السابق. واللسان (خضض- بنى). ومعنى البيت فيما ذكر أبو العلاء: «أى لو جاء المطر واتّصل لرعت الخيل النّبت فقويت على الغزو والغارة، فأغرنا على الرئيس صاحب القبّة، فاحتاج لأخذنا قبّته أن يتخذ بجادا خلقا على عمودين يستتر به ويستظلّ». وانظر مزيد شرح فى اللسان (بنى). وهذه تنبيهات حول البيت وروايته: أولا: روى محرّفا فى الشعر والشعراء لو وصل الغيث أبناء امرئ وروى محرفا أيضا فى اللسان (خضض): لو وصل الغيث لأندى امرئ. ثانيا: روى فى السّمط: لو وصل الغيث لأبنين امرأ بزيادة اللام-ولم ينبّه عليه العلاّمة الميمنى-وهو خطأ قديم، أقدم من البكرى. وقد نبّه عليه أبو العلاء، رحمه الله، فقال فى الصاهل: «وبعض أهل العلم ينشد هذا البيت: لو وصل الغيث لأبنين امرأ وكذلك ذكره أبو عمر فى (كتاب اليواقيت) وهو خطأ لا محالة، وإنما يفعل ذلك من لا معرفة له بعلم الأوزان؛ لأنه يرى الوزن وقد نفرت منه الغريزة، فيجذبه بطبعه إلى ما يألف. ألا ترى أن قوله: لو وصل الغيث لأبنين امرأ هو نصف الرجز التامّ، تقبله الغريزة بلا إنكار؟ إلاّ أنه إذا فعل به ذلك بعد شكله من النصف الثانى». انتهى كلام المعرّى. ويريد أن البيت كلّه من مجزوء البسيط المذيّل، بشرط إسقاط اللام من «لأبنين» ومن هذا الوزن ما ينشده العرضيّون: