للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلف النحويّون فى المتصل هاهنا، فزعم الخليل وسيبويه أنه مخفوض، لأن لفظه لفظ الضمير المخفوض.

وقال الأخفش والفرّاء: إنه ضمير خفض، استعير للرفع، كما استعير ضمير الرفع للخفض، فى قولهم: «ما أنا كأنت، ولا أنت كأنا» وأبو العباس المبرّد يأبى استعمال المتّصل بعد «لولا» ويعوّل على ما جاء به القرآن، وقد أشبعت الكلام فى هذا النحو فيما تقدّم (١).

وزعم قوم من الكوفيّين (٢) أن «لولا» قد استعملت بمعنى «لم» واحتجّ بقوله تعالى: {فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاّ قَوْمَ يُونُسَ} (٣) قال: معناه: لم تكن قرية آمنت عند نزول العذاب، فنفعها إيمانها إلاّ قوم يونس، وكذلك {فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ} (٤) وهذا التقدير موافق للمعنى، ومباين لأصحّ الإعرابين؛ لأن المستثنى بعد النفى يقوى فيه البدل، ويجوز النصب، ولم يأت في الآيتين إلاّ النصب.

وشبّه سيبويه (٥) حذف خبر المبتدأ بعد «لولا» بأشياء من المحذوفات، كقولهم: / «إمّا لا» وأصله، فيما زعم الخليل، أنهم أرادوا: إن كنت لا تفعل كذا فافعل كذا، ومعنى هذا الكلام أن رجلا لزمته أشياء يفعلها، فامتنع، فرضى


= وهو من رجز ينسب لعامر بن الأكوع، ولعبد الله بن رواحة، رضى الله عنهما. صحيح البخارى (باب غزوة الخندق، من كتاب الجهاد) ٥/ ١٤٠. وصحيح مسلم (باب غزوة الأحزاب، من كتاب الجهاد) ص ١٤٣٠، والسيرة النبوية ٣/ ٣٢٨، وطبقات الشافعية ١/ ٢٥٧،٢٥٨، وشرح المفصل ٣/ ١١٨، وديوان عبد الله بن رواحة ص ١٠٧.
(١) فى المجلس السابع والعشرين.
(٢) راجع الدراسة ص ٦٢،٦٣.
(٣) سورة يونس ٩٨.
(٤) سورة هود ١١٦.
(٥) الكتاب ٢/ ١٢٩، وراجع المجلس الثانى والأربعين.