للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو إسحاق الزجّاج: سمعت أبا العباس المبرّد يقول: كان أصحابنا لا يعرفون معنى هذا الحرف، يعنى المازنيّ والجرميّ.

وقال أبو سعيد: ما فسّره من مضى إلى أن مات المبرّد، وفسّره الزجّاج، فقال: معناه على كلام قد تقدّم، كأنّ قائلا قال: زيد ليس بغافل عنى، فقال المجيب: بلى ما أغفله عنك! أراد أن يبعثه على أن يعرف صحّة كلامه، فقال:

انظر شيأ؛ فإنك تعرف صحّة ما أقول لك، كما تقول: انظر قليلا. انتهى ما حكاه عن الزجّاج.

وقوله: «ما أغفله عنك» تعجّب بمقتضى هذا الكلام، وبقى فيه أن قوله:

دع الشكّ عنك، لا يتّصل بما قاله.

ووجدت بخطّ أبى الفرج سعيد بن علي بن السّلالىّ الكوفىّ، ما أملاه عليه أبو العلاء المعرّىّ، ونسبه المعرّىّ إلى بعض النحويّين. /ولم يسمّه، قال: إن الذى قيل له هذا الكلام كان له صديق عوّده أن يبرّه ويحسن إليه، وأنه ذكر صنيعه به، فقال له السامع: ما أغفله عنك! شيئا، قال: فالكلام يتمّ عند قوله: «عنك» وقوله: «شيئا» من كلام مستأنف، كأنّه قال: فكّر شيئا، أى تفكيرا قليلا، أى إنه قد انتقل عن الحال التى كنت تجده عليها، فكأنّ الرجل المثنى على الصديق شكّ فى أمره، ولم يدر ما أغفله عنه، فقال له من حضر: فكّر شيئا، أى دع الشكّ؛ لأنه إذا فكّر وجب أن يصحّ له الأمر.

وقال المعرّىّ: إن المراد بقوله: ما أغفله عنك، التعجّب، ويحتمل أن يكون استفهاما، كأنه قال: أيّ شيء أغفله عنك؟

...